قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٤ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٤ ]

360/559
*

أو أن يكون قوله : (لا يُسْئَلُ) : عما أظهر وأبدى ؛ لكن يسأل عما أسرّ وأخفى ؛ لأن الملائكة قد يكتبون ما أبدوه وأظهروه ؛ كقوله : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق : ١٨] ؛ فيقع السؤال عما أسرّوا على التقرير ، ولا يسأل بعد ذلك.

وقوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ).

قال بعض أهل التأويل (١) : يسأل الرسل عن تبليغ الرسالة إلى الأمم ، ويسأل قومهم : هل بلغ الرسل إليهم الرسالة؟ ويكون سؤالهم الرسل سؤال شهادة ـ كقوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ......) [البقرة : ١٤٣] الآية ـ أنه قد بلغ الرسالة.

وقال بعضهم (٢) : يسأل الملائكة عن تبليغ الرسالة إلى الأنبياء ، ويسأل الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ عن تبليغ الملائكة إليهم ، وأمكن أن يكون [السؤال](٣) للرسل عما أجيبوا ، وكان سؤال الأمم عما أجابوا الرسل ؛ كقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة : ١٠٩] ، وكقوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٦٥].

أو أن يكون سؤال القوم سؤال تقرير عندهم ، وإقرار لما كانوا ينكرون التبليغ إليهم ؛ كقوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٦].

هذا السؤال سؤال تقرير وتعيير (٤) لا غير ؛ لأنه كان يعلم أنه لم يكن قال لهم ذلك ، لكنه سألهم (٥) سؤال تقرير ؛ ليقروا بذلك ؛ لئلا يقولوا : هو قال لهم ذلك ؛ لأنهم قالوا : عيسى هو الذي قال لهم ذلك ؛ فعلى ذلك الأوّل.

وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ).

عن عملهم وصنيعهم ؛ ولكن يسألون لما ذكرنا ، والله أعلم.

يشبه أن يكون : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) ذكر هذا ؛ لما يحتمل أن يظن به الخفاء عليه ؛ لما ذكر من المسألة لهم والسؤال ، وهو الاستخبار عما يسر ويضمر ؛ ليظهر ذلك ، هذا هو معنى السؤال في الشاهد والاستخبار ؛ فأخبر ـ عزوجل ـ بقوله : (فَلَنَقُصَّنَ

__________________

(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٣٠) (١٤٣٢٩ ، ١٤٣٣٠) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٢٦) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والبيهقي في البعث.

(٢) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٢٦) وعزاه لعبد بن حميد.

(٣) سقط في أ.

(٤) هكذا في الأصل ، فلتحرر.

(٥) في ب : يسألهم.