قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٣ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٣ ]

8/662
*

مالها ؛ تركوها وأخذوا غيرها من النساء.

قالت : فكما تتركونها حين ترغبون عنها ؛ فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق (١).

وقيل : لما أنزل الله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ...) الآية [النساء : ١٠] ، ترك المؤمنون مخالطة اليتامى ، وتنزهوا عنها ؛ فشق ذلك عليهم ؛ فاستفتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مخالطتهم (٢) ، وكان يكون عند الرجل عدد من النساء ثم لا يعدل بينهن ؛ فأنزل الله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ خِفْتُمْ) الجور في مخالطة اليتامى ؛ فكذلك خافوا جمع النساء وترك التسوية بينهن في النفقة والجماع.

ثم من الناس من يبيح نكاح التسع (٣) بقوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) فذلك تسع.

وأما عندنا : فإنه لا يحتمل ذلك ؛ لأن معنى قوله ـ تعالى ـ : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : مثنى أو ثلاث أو رباع ؛ لأنه قال : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) : استثنى الواحدة إذا خاف ألا يعدل بينهن ، فلو كان ما ذكر ؛ لكان لا معنى لاستثناء واحدة منهن ، ولكن يقول : «وإن خفتم ألا تعدلوا» بين التسع ؛ فثمان ، أو سبع ، أو ست ؛ فلمّا لم يستثن إلا واحدة دل أن التأويل ما ذكرنا : مثنى أو ثلاث أو رباع ، على الانفراد (٤).

__________________

(١) أخرجه البخاري (٨ / ٨٦ ، ٨٧) : كتاب التفسير ، رقم (٤٥٧٣ ، ٤٥٧٤) ، ومسلم (٤ / ٢٣١٢) : كتاب التفسير ، رقم (٣٠١٨) ، والطبري في تفسيره (٧ / ٥٣٢) (٨٤٥٦) ، والبيهقي في سننه (٧ / ١٤١ ، ١٤٢) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٢٠٩) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٢) في ب : مخالطتهن.

(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٣٦) رقم (٨٤٦٦) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٢٠٩) ، وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير.

(٤) ذهبت طائفة إلى أنه : يجوز التزويج بأي عدد شاء ، واحتجوا بالقرآن والخبر. أما القرآن فتمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه :

الأول : أن قوله (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)[النساء : ٣] ـ إطلاق في جميع الأعداد ؛ بدليل أنه لا عدد إلا ويصح استثناؤه منه.

وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل.

الثاني : أن قوله : «مثنى وثلاث ورباع» ـ لا يصلح مخصصا لذلك العموم ؛ لأن تخصيص بعض الأعداد يدخل على رفع الحرج والحجر مطلقا ؛ فإن الإنسان إذا قال لولده : افعل ما شئت : اذهب إلى السوق وإلى المدرسة ، وإلى البستان ـ لم يكن تنصيصا للإذن بتلك الأشياء المذكورة فقط ؛ بل يكون ذلك إذنا في المذكور ، وغيره ، وهكذا هنا.

الثالث : أن الواو للجمع المطلق ؛ فقوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ـ لا يدخل هذا المجموع ، وهو تسعة ؛ بل يفيد ثمانية عشر ؛ لأن قوله «مثنى» ليس عبارة عن اثنين فقط ؛ بل عن اثنين اثنين ، وكذا البقية. ـ