فكل» (١).
وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اذبح بكل ما أفرى الأوداج (٢) وأهرق الدم ما خلا السّنّ والظّفر» (٣).
وإلى هذا يذهب أصحابنا ـ رحمهمالله ـ في ذلك ، ويرون كل ما أنهر الدم : من حجر ، أو مروة ، أو نحو ذلك ـ مذكى ويؤكل ، ويحملون قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إلّا السّنّ والظّفر» على أنهما إذا كانا غير منزوعين ؛ لأن ذلك خنق ، وليس بذبح ؛ يفسر ذلك قول ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : إن ذلك خنق (٤) ، وفي الخبر بيان ؛ لأنه قال : «كل ما أنهر الدّم وأفرى الأوداج ، ما خلا السّنّ والظّفر ؛ فإنّهما مدى (٥) الحبشة» (٦) ، وهم
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ ، وإنما جاء في حديث رافع بن خديج : قلت : يا رسول الله ، إنا لاقوا العدو غدا ، وليست معنا مدى؟ قال : «أعجل أو أرني ، ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله ؛ فكل ، ليس السنّ والظّفر ، وسأحدثك : أما السّنّ فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة».
قال : وأصبنا نهب إبل وغنم ، فندّ منها بعير ؛ فرماه رجل بسهم فحبسه ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش ، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا».
وهذا حديث متفق عليه ، وقد تقدم تخريجه.
(٢) الودج : عرق في جانبي العنق. ينظر : خلق الإنسان للأصمعي (١٩٩) ، ولثابت (٢٠٤).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (٨ / ٢٥٠) ، رقم (٧٨٥١) ، والبيهقي (٩ / ٢٧٨) ، من حديث أبي أمامة : صديّ بن عجلان ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل ما أفرى الأوداج ؛ ما لم يكن قرض سن أو جزّ ظفر». قال البيهقي : وفي هذا الإسناد ضعف.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٤ / ٢٥٣) ، رقم (١٩٨١٠) : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن جريج عمّن حدثه ، عن رافع بن خديج قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الذبح بالليطة ؛ فقال : «كل ما أفرى الأوداج إلا سنّا أو ظفرا». وهذا إسناد فيه مجهول.
والودج : عرق في العنق ، وهو الذي يقطعه الذابح فلا تبقى معه حياة. ينظر : المعجم الوسيط (ودج).
والليطة : قشرة القصبة والقوس والقناة وكل شيء له متانة. ينظر : المعجم الوسيط (ليط).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٤ / ٢٥٣) ، رقم (١٩٨٠٧) : حدّثنا أبو خالد الأحمر ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : أصعدنا في الحاج فأصاب صاحب لنا أرنبا ، فلم يجد ما يذكيها به ؛ فذبحها بظفره ، فملّوها وأكلوها ، وأبيت أن آكل ، قال : فلقيت ابن عباس ، فذكرت ذلك له ؛ فقال : أحسنت حين لم تأكل ؛ قتلها خنقا.
وملّ الشيء في الجمر : أدخله فيه ، يقال : ملّ الخبز أو اللحم في النار ؛ فهو مملول ومليل. ينظر : المعجم الوسيط (ملل).
(٥) المدى : جمع مدية ، وهي السكين. ينظر : النظم المستعذب (١ / ٢٣٠).
(٦) قال القرطبي (٦ / ٣٧ ـ ٣٨) : وأجمع العلماء على أن الذبح مهما كان في الحلق تحت الغلصمة فقد تمت الذكاة ؛ واختلف فيما إذا ذبح فوقها وجازها إلى البدن ، هل ذلك ذكاة أم لا؟ على قولين : وقد روي عن مالك أنها لا تؤجل ؛ وكذلك لو ذبحها من القفا واستوفى القطع وأنهر الدم وقطع الحلقوم والودجين لم تؤكل. وقال الشافعي : تؤكل ؛ لأن المقصود قد حصل. وهذا يبني على أصل ، وهو أن الذكاة وإن كان المقصود منها إنهار الدم ففيها ضرب من التعبد ؛ وقد ذبح صلىاللهعليهوسلم في الحلق ونحر ـ