زيادة ، ولفظه «حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء ، وللحجر لم ركب على الحجر؟ والعود لم خدش العود؟» قالوا : والجمادات لا يعقل خطابها ولا ثوابها ولا عقابها. قوله : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ) أي لا يسمعون بأسماعهم ولا ينطقون بألسنتهم ، نزلهم منزلة من لا يسمع ولا ينطق لعدم قبولهم لما ينبغي قبوله من الحجج الواضحة والدلائل الصحيحة. وقال أبو علي : يجوز أن يكون صممهم وبكمهم في الآخرة. قوله : (فِي الظُّلُماتِ) أي في ظلمات الكفر والجهل والحيرة لا يهتدون لشيء مما فيه صلاحهم. والمعنى : كائنين في الظلمات التي تمنع من إبصار المبصرات وضموا إلى الصمم والبكم عدم الانتفاع بالأبصار لتراكم الظلمة عليهم ، فكانت حواسّهم كالمسلوبة التي لا ينتفع بها بحال ، وقد تقدّم في البقرة تحقيق المقام بما يغني عن الإعادة ، ثم بين سبحانه أنّ الأمرّ بيده ما شاء يفعل ، من شاء تعالى أن يضلّه أضلّه ، ومن شاء أن يهديه جعله على صراط مستقيم ، لا يذهب به إلى غير الحقّ ، ولا يمشي فيه إلا إلى صوب الاستقامة.
وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في قوله : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) قال : أصنافا مصنّفة تعرف بأسمائها. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : الطير أمة ، والإنس أمة ، والجن أمة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السديّ : قال : خلق أمثالكم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريح في الآية قال : الذرّة فما فوقها من ألوان ما خلق الله من الدوابّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) يعني : ما تركنا شيئا إلا وقد كتبناه في أمّ الكتاب. وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) قال : موت البهائم حشرها ، وفي لفظ قال : يعني بالحشر : الموت. وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : «ما من دابة ولا طائر إلا سيحشر يوم القيامة ، ثم يقتصّ لبعضها من بعض حتى يقتص للجلحاء من ذات القرن ، ثم يقال لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) وإن شئتم فاقرؤوا (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) الآية». وأخرج ابن جرير عن أبي ذرّ قال : انتطحت شاتان عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال لي : «يا أبا ذرّ أتدري فيم انتطحتا؟ قلت : لا ، قال : لكنّ الله يدري وسيقضي بينهما» قال أبو ذرّ : ولقد تركنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما. وأخرجه أيضا أحمد ، وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء».
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا