وقد روى مرفوعا : «أن صوم شهر رمضان نسخ كل صيام كان» (١).
وروى عن جماعة فى أمر صوم عاشوراء : أنا كنا نصومه حتى نزل صوم الشهر ، فلم
__________________
ـ الثانى : أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم ، كما نهى أن يصوم يوم الجمعة وحده.
الثالث : الاحتياط فى صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع الغلط ، فيكون التاسع فى العدد هو العاشر فى نفس الأمر.
واستحب الحنفية والشافعية صوم الحادى عشر ، إن لم يصم التاسع. قال الشربينى الخطيب : بل نص الشافعى فى (الأم) و (الإملاء) على استحباب صوم الثلاثة.
ينظر : كشاف القناع (٢ / ٣٣٩) ، والإنصاف (٣ / ٣٤٦) ، حاشية الطحاوى (٣٥٠) ، حاشية الدسوقى (١ / ٥١٦).
(٣) اتفق الفقهاء على أنه يسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وذهب الجمهور منهم ـ الحنفية والشافعية والحنابلة ـ إلى استحباب كونها أيام البيض ـ وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربى ـ سميت بذلك ؛ لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض فيها ؛ لما روى أبو ذر ـ رضى الله عنه ـ أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال له : «يا أبا ذر ، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام ، فصم ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة». قال الشافعية : والأحوط صوم الثانى عشر معها ـ أيضا ـ للخروج من خلاف من قال : إنه أول الثلاثة ، ويستثنى ثالث عشر ذى الحجة فلا يجوز صومه لكونه من أيام التشريق. فيبدل بالسادس عشر منه كما قال القليوبى. وذهب المالكية إلى كراهة صوم أيام البيض ؛ فرارا من التحديد ، ومخافة اعتقاد وجوبها. ومحل الكراهة : إذا قصد صومها بعينها ، واعتقد أن الثواب لا يحصل إلا بصومها خاصة. وأما إذا قصد صيامها من حيث إنها ثلاثة أيام من الشهر فلا كراهة. قال المواق نقلا عن ابن رشد : إنما كره مالك صومها لسرعة أخذ الناس بقوله ، فيظن الجاهل وجوبها. وقد روى أن مالكا كان يصومها ، وحض مالك ـ أيضا ـ الرشيد على صيامها. وصوم ثلاثة أيام من كل شهر كصوم الدهر ، بمعنى : أنه يحصل بصيامها أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر : الحسنة بعشرة أمثالها ، لحديث قتادة بن ملحان ـ رضى الله عنه ـ : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرنا أن نصوم البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة. قال : قال : وهن كهيئة الدهر» أى : كصيام الدهر.
ينظر : حاشية القليوبى على شرح المنهاج للمحلى (٢ / ٧٣) ، حاشية ابن عابدين (٢ / ٨٣).
(١) فى الباب عن عائشة وابن عمر وابن مسعود بنحوه.
حديث عائشة :
أخرجه البخارى (٤ / ٧٧٠) كتاب الصوم ، باب صوم يوم عاشوراء (٢٠٠١ ، ٢٠٠٢) ، ومسلم (٢ / ٧٩٢) ، كتاب الصيام ، باب صوم يوم عاشوراء (١١٣ / ١١٢٥) ، من طرق عنها قالت : كان يوم عاشوراء تصومه قريش فى الجاهلية ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصومه ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه.
حديث ابن عمر :
أخرجه البخارى (٢٠٠٠) ، ومسلم (١١٧ / ١١٢٦) ، من طرق عنه بنحو اللفظ السابق.
حديث ابن مسعود :
أخرجه البخارى (٩ / ٣١) كتاب التفسير باب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٤٥٠٣) ، ومسلم (١٢٢ / ١١٢٧) ، من طرق عنه بنحو لفظ حديث عائشة ، وأخرجه ابن جرير (٢٧٣٥) ، عن ابن عباس قال فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ..). الآية : وكان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ ذلك بالذى أنزل من صيام رمضان.