وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) يقول : ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه من عهد الله الذي عهد إليه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) الآية ، قال : إن عياش ابن أبي ربيعة قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه هو وأبو جهل ـ وهو أخوه لأمه ـ في اتباع النبي صلىاللهعليهوسلم وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر. وأوضح من هذا السياق ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحارث ابن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ، ثم خرج مهاجرا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، يعني : الحارث ، فلقيه عياش بالحرّة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ، ثم جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فنزلت (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) الآية ، فقرأها النبي صلىاللهعليهوسلم عليه ثم قال له : قم فحرّر. وأخرجه ابن جرير ، وابن المنذر عن السدّيّ بأطول من هذا. وقد روي من طرق غير هذه. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرداء كان في سرية ، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له ، فوجد رجلا من القوم في غنم فحمل عليه بالسيف فقال : لا إله إلّا الله ، فضربه. وأخرج ابن مندة ، وأبو نعيم نحو ذلك ، ولكن فيه : أن الذي قتل المتعوّذ بكلمة الشهادة هو بكر بن حارثة الجهني. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) قال : يعني بالمؤمنة : من قد عقل الإيمان وصلّى ، وكل رقبة في القرآن لم تسمّ مؤمنة ، فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة ، وفي قوله : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) قال : عليه الدية مسلمة إلّا أن يتصدّق بها عليه. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة قال : في حرف أبيّ «فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزئ فيها صبي». وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، والبيهقي عن أبي هريرة : «أنّ رجلا أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بجارية سوداء فقال : يا رسول الله! إن عليّ عتق رقبة مؤمنة ، فقال لها : أين الله؟ فأشارت إلى السّماء بإصبعها ، فقال لها : فمن أنا؟ فأشارت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإلى السّماء. أي : أنت رسول الله ، فقال : أعتقها فإنّها مؤمنة». وقد روي من طرق ، وهو في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي. وقد وردت أحاديث في تقدير الدية ، وفي الفرق بين دية الخطأ ودية شبه العمد ، ودية المسلم ودية الكافر ، وهي معروفة ، فلا حاجة لنا في ذكرها في هذا الموضع. وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) قال : هذا المسلم الذي ورثته مسلمون (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون ، وليس بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عقد (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) قال : هذا الرجل المسلم وقومه المشركون ، وبينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عقد ، فيقتل ، فيكون ميراثه للمسلمين ، وتكون ديته لقومه ، لأنهم يعقلون عنه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) يقول : فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن ، فقتله خطأ ، فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة ، أو صيام شهرين متتابعين ولا دية عليه ، وفي قوله : (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل ،