التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ)(٨)
والاستفهام في قوله ـ سبحانه ـ : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) للتقرير لأنه إذا دخل على النفي قرره ، وهذا التقرير المقصود به التذكير ، حتى يداوم على شكره ـ تعالى ـ.
وأصل الشرح : البسط للشيء وتوسعته ، يقال : شرح فلان الشيء ، إذا وسعه ، ومنه شرح فلان الكتاب ، إذا وضحه ، وأزال مجمله ، وبسط ما فيه من غموض.
والمراد بشرح الصدر هنا : توسعته وفتحه ، لقبول كل ما هو من الفضائل والكمالات النفسية. وإذهاب كل ما يصد عن الإدراك السليم وعن الحق والخير والهدى.
وهذا الشرح ، يشمل الشق البدني لصدره صلىاللهعليهوسلم كما يشمل الشرح المعنوي لصدره صلىاللهعليهوسلم عن طريق إيداعه الإيمان والهدى والعلم والفضائل.
قال الإمام ابن كثير : قوله : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يعنى : أما شرحنا لك صدرك. أى : نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا ، كقوله (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ....) ، وقيل المراد بقوله : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) شرح صدره ليلة الإسراء ، كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة ... وهذا وإن كان واقعا ، ولكن لا منافاة ، فإن من جملة شرح صدره صلىاللهعليهوسلم الذي فعل بصدره ليلة الإسراء ، ما نشأ عنه من الشرح المعنوي ـ أيضا ـ ... (١).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٤٥١.