فقالوا : إن كان
سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
وروى الشيخان عن
ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم شقتين ، حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اشهدوا» .
وقال الآلوسى :
بعد أن ذكر عددا من الأحاديث في هذا الشأن : والأحاديث الصحيحة في الانشقاق كثيرة
، واختلف في تواتره ، فقيل : هو غير متواتر : وفي شرح المواقف أنه متواتر. وهو
الذي اختاره العلامة السبكى ، فقد قال : الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر ،
منصوص عليه في القرآن ، مروى في الصحيحين وغيرهما من طرق شتى ، لا يمترى في
تواتره.
وقد جاءت أحاديثه
في روايات صحيحة ، عن جماعة من الصحابة ، منهم على بن أبى طالب ، وأنس ، وابن
مسعود ..
ثم قال ـ رحمهالله ـ بعد أن ذكر شبهات المنكرين لحادث الانشقاق : والحاصل أنه
ليس عند المنكر سوى الاستبعاد ، ولا يستطيع أن يأتى بدليل على الاستحالة الذاتية
ولو انشق ، والاستبعاد في مثل هذه المقامات قريب من الجنون. عند من له عقل سليم .
ثم بين ـ سبحانه ـ
موقف هؤلاء المشركين من معجزاته صلىاللهعليهوسلم فقال : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).
أى : وإن ير هؤلاء
المشركون آية ومعجزة تدل على صدقك ـ أيها الرسول الكريم ـ يعرضوا عنها جحودا
وعنادا. ويقولوا ـ على سبيل التكذيب لك ـ ما هذا الذي أتيتنا به يا محمد إلا سحر
مستمر ، أى : سحر دائم نعرفه عنك ، وليس جديدا علينا منك.
قال صاحب الكشاف :
(مُسْتَمِرٌّ) أى دائم مطرد ، وكل شيء قد انقادت طريقته ، ودامت حاله ،
قيل فيه قد استمر ، لأنهم لما رأوا تتابع المعجزات ، وترادف الآيات. قالوا : «هذا
سحر مستمر».
وقيل : مستمر ، أى
: قوى محكم ـ من المرّة بمعنى القوة ـ ، وقيل : هو من استمر الشيء إذا اشتدت
مرارته ، أى : مستبشع عندنا مرّ على لهواتنا ، لا نقدر أن نسيغه كما لا يساغ الشيء
المر. وقيل : مستمر ، أى : مار ذاهب زائل عما قريب ـ من قولهم : مرّ الشيء واستمر
إذا ذهب .
__________________