والبطائن : جمع بطانة ، وهي ما قابل الظهارة من الثياب ، ومشتقة من البطن المقابلة للظهر ، ومن أقوالهم : أفرشنى فلان ظهره وبطنه ، أى : أطلعنى على سره وعلانيته.
والإستبرق : الديباج المصنوع من الحرير السميك ، وهو من أجود أنواع الثياب.
والمعنى : أن هؤلاء الذين خافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى ، يعيشون في الجنات حالة كونهم ، متكئين في جلستهم على فرش بطائنها الداخلية من الديباج السميك. (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) أى : وما يجنى ويؤخذ من الجنتين قريب التناول ، دانى القطاف.
فالمراد بقوله ـ تعالى ـ : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ) ما يجتنى من ثمارهما و (دانٍ) من الدنو بمعنى القرب.
أى : أنهم لا يتعبون أنفسهم في الحصول على تلك الفواكه ، وإنما يقطفون ما يشاءون منها ، وهم متكئون على فراشهم الوثير.
ثم بين ـ سبحانه ـ ألوانا أخرى من نعيمهم فقال : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ، كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ).
وقوله ـ سبحانه ـ : (قاصِراتُ الطَّرْفِ) صفة لموصوف محذوف. والطمث : كناية عن افتضاض البكارة. يقال : طمث الرجل امرأته ـ من باب ضرب وقتل ـ ، إذا أزال. بكارتها. وأصل الطمث : الجماع المؤدى إلى خروج دم الفتاة البكر ، ثم أطلق على كل جماع وإن لم يكن معه دم.
أى : في هاتين الجنتين اللتين أعدهما ـ سبحانه ـ لمن خاف مقامه .. نساء قاصرات عيونهن على أزواجهن ، ولا يلتفتن إلى غيرهم. وهؤلاء النساء من صفاتهن ـ أيضا ـ أنهن أبكار ، لم يلمسهن ولم يزل بكارتهن أحد قبل هؤلاء الأزواج ... وكأن هؤلاء النساء في صفائهن وجمالهن وحمرة خدودهن ... الياقوت والمرجان.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه النعم بقوله : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) والاستفهام لنفى أن يكون هناك مقابل لعمل الخير ، سوى الجزاء الحسن ، فالمراد بالإحسان الأول ، القول الطيب ، والفعل الحسن ، والمراد بالإحسان الثاني : الجزاء الجميل الكريم على فعل الخير.
أى : ما جزاء من آمن وعمل صالحا ، وخاف مقام ربه ، ونهى نفسه عن الهوى .. إلا أن يجازى الجزاء الحسن ، ويقدم له العطاء الذي يشرح صدره وتقر به عينه.
وقد عقب ـ سبحانه ـ بعد كل آية من تلك الآيات السابقة بقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما