(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٨)
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها ما روى عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد بعث الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق ليأخذ منهم الصدقات ، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
فرجع الوليد ـ ظنا منه أنهم يريدون قتله ـ فقال يا رسول الله : إن بنى المصطلق قد منعوا الصدقة ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ذلك غضبا شديدا ، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا : يا رسول الله ، إنا بلغنا أن رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فأنزل الله ـ تعالى ـ الآية (١).
والفاسق : هو الخارج عن الحدود الشرعية التي يجب التزامها ، مأخوذ من قولهم : فسقت الرطبة ، إذا خرجت عن قشرتها ، وسمى بذلك لانسلاخه عن الخير والرشد.
وقرأ الجمهور : (فَتَبَيَّنُوا) وقرأ حمزة والكسائي فتثبتوا ومعناهما واحد ، إذ هما بمعنى التأنى وعدم التعجل في الأمور حتى تظهر الحقيقة فيما أخبر به الفاسق.
أى : يا من آمنتم بالله حق الإيمان ، إن جاءكم فاسق بخبر من الأخبار ، ولا سيما الأخبار الهامة ، فلا تقبلوه بدون تبين أو تثبت ، بل تأكدوا وتيقنوا من صحته قبل قبوله منه.
والتعبير «بإن» المفيدة للشك ، للإشعار بأن الغالب في المؤمن أن يكون يقظا ، يعرف
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٣٥٠.