عن الطرف المقابل إلّا أنّه لا يترك لومه وتوبيخه أو معاتبته ، ولكن بما أنّ الصفح في اللغة يعني الإعراض بالوجه عن الإنسان المذنب فيمكن أن يكون إشارة إلى لزوم تناسي ذنب المذنب ووضعه في زاوية الإهمال والغفلة ولا يكتفي بترك اللّوم فقط ، أي أنّ لا يترتّب أي أثر سلبي على العلاقة بين الطرفين.
وهنا ملاحظة مهمّة اخرى وهي أنّ هذه الطائفة من المؤمنين أقسموا على أن لا يمدّوا يد العون لجميع المتورّطين في قضيّة الافك ، أي أن قسمكم بالنسبة إلى مثل هذه الامور لا أثر له على مستوى العمل والممارسة لأنّه لا يقع في دائرة التكليف بالنسبة إلى الامور الخيّرة.
«الآية الثالثة» تأمر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بأوامر أخلاقية ثلاثة ويتّضح منها تكليف الآخرين أيضاً وتقول : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ).
هذه التعليمات الثلاثة التي وردت في الآية الشريفة بمثابة أوامر صادرة من الله تعالى إلى نبيّه الكريم باعتباره قائداً للُامّة واسوة حسنة لسائر المسلمين وبذلك توضّح في مضمونها أهميّة العفو والصفح في دائرة المسؤولية الملقاة على عاتق القادة الإلهيين ، فالأمر الأوّل من هذه الأوامر الإلهية هو الأمر بالعفو والصفح ، والأمر الثاني إشارة إلى أنّ على القائد أن لا يحمّل الناس ما فوق طاقتهم وقدرتهم وأن لا يطلب منهم سوى المعروف الممكن ، وفي الأمر الثالث نجد التوصية بأهمال الكلمات اللامسؤولة الصادرة عن الجاهلين والمخالفين وعدم ترتيب الأثر على مزاحماتهم وما يرتكبونه تجاه أتباع الحق من ممارسات سلبية وكلمات شانئة.
إنّ القادة الحقيقيين والسالكين طريق الحق يواجهون في مسيرتهم الإلهية الكثير من الأفراد المتعصّبين والجاهلين والمعاندين الذين لا يجدون فرصة في الوقيعة بأصحاب الحق وإيجاد الأذى والضرر بهم إلّا واستغلّوها ، فالآية أعلاه وكذلك الكثير من الآيات القرآنية الاخرى تؤكّد على المؤمنين السالكين في خط الله والتقوى أن يجنّبوا أنفسهم الصراع مع هؤلاء وأنّ الأفضل لهم التعامل مع مثل هذه المسائل من موقع اللآمبالاة