إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره أنّ القوم قد همّوا بقتله ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتّى همّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بأن يغزوهم ، فبينما هم على ذلك قدِم وفدهم على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : «يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فانشمر راجعاً فبلغنا أنّه زعم لرسول الله صلىاللهعليهوآله أنا خرجنا إليه لنقتله وو الله ما جئنا لذلك ، فأنزل الله تعالى فيه وفيهم :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١).
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله خالد بن الوليد وأمره أن يتثبّت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتّى أتاهم ليلاً ، فبعث عيونه ، فلما جاؤوا أخبروا خالداً أنّهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه ، فعاد إلى نبي الله صلىاللهعليهوآله فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، فكان يقول نبي الله صلىاللهعليهوآله : «التَّأَنِي مِنَ اللهِ وَالعَجَلَةُ مِنَ الشّيطانِ» (٢).
وطبقاً لحديث شريف عن الإمام الصادق عليهالسلام فإنّ الآية محل البحث تشير إلى النمّام (٣).
ومن هنا يتّضح أنّ النميمة تشمل الكذب أيضاً.
«الآية الرابعة» : من الآيات محل البحث أوردها بعض العلماء كالعلّامة المجلسي في بحث النميمة وقال : إنّ من يشفع شفاعة سيئة الوارد في هذه الآية (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) له مفهوم واسع ويشمل النميمة أيضاً لأنّها شفاعة سوء بالحقيقة ، بل هي أسوأ حيث يشعل النّمام نار العداوة بين الرجلين من المسلمين فيتحرّكوا فيما بينهما من موقع سوء الظن والحقد والكراهية ، ولذلك ورد في الحديث النبوي الشريف قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «مَنْ أَمَرَ بِسُوءٍ أَو دَلَّ عَلَيهِ أَو أَشارَ فَهوَ شَرِيكٌ».
__________________
١ ـ سيرة ابن هشام ، ج ٣ ، ص ٣٠٨.
٢ ـ تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦١٣١.
٣ ـ مستدرك سفينة البحار ، ج ١٠ ، ص ١٥٢.