الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٧٥)
وقوله ـ تعالى ـ (وَسِيقَ) من السوق بمعنى الدفع ، والمراد به هنا الدفع بعنف مع الإهانة و (زُمَراً) أى : جماعات متفرقة بعضها في إثر بعض. جمع زمرة وهي الجماعة القليلة ، أى : وسيق الذين كفروا إلى نار جهنم جماعات جماعات ، وأفواجا أفواجا.
(حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) لتستقبلهم بحرها وسعيرها ، وكأنها قبل مجيئهم إليها كانت مغلقة كما تغلق أبواب السجون ، فلا تفتح إلا لمن هم أهل لها بسبب جرائمهم.
(وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) على سبيل الزجر والتأنيب (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أى : من جنسكم تفهمون عنهم ما يقولونه لكم.
وهؤلاء الرسل (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) المنزلة لمنفعتكم (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أى : ويخوفونكم من أهوال يومكم هذا وهو يوم القيامة.
(قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أى : قالوا في جوابهم على سائليهم : بلى قد أتانا الرسل وبلغونا رسالة الله ، ولكننا لم نطعهم ، فحقت كلمة العذاب علينا ، ووجبت علينا كلمة الله التي قال فيها : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
وهنا رد عليهم السائلون بقولهم : ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ، خلودا أبديا (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أى : فبئس المكان المعد للمتكبرين جهنم.
وبعد هذا البيان المرعب لمصير الكافرين ، جاء البيان الذي يشرح الصدور بالنسبة لحال المتقين فقال ـ تعالى ـ : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) أى : جماعات.
قال الآلوسى : أى : جماعات مرتبة حسب ترتب طبقاتهم في الفضل.