التي لا بد منها
يذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ويستأذن في اللحوق لحاجته ، فيأذن له ، فإذا قضى حاجته ،
رجع إلى ما كان فيه من العمل رغبة في الخير واحتسابا له. فأنزل الله هذه الآيات في
المؤمنين وفي المنافقين .
والمراد بالأمر
الجامع في قوله : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ
عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) : الأمر الهام الذي يستلزم اشتراك الجماعة في شأنه ،
كالجهاد في سبيل الله ، وكالإعداد لعمل من الأعمال العامة التي تهم المسلمين
جميعا.
والمعنى : إن من
شأن المؤمنين الصادقين ، الذين آمنوا بالله ورسوله حق الإيمان أنهم إذا كانوا مع
رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أمر جامع من الأمور التي تقتضي اشتراكهم فيه ، لم
يفارقوه ولم يذهبوا عنه ، حتى يستأذنوه في المفارقة أو في الذهاب ، لأن هذا
الاستئذان دليل على قوة الإيمان ، وعلى حسن أدبهم مع نبيهم صلىاللهعليهوسلم.
قال الآلوسى :
وقوله : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ
عَلى أَمْرٍ جامِعٍ ..). معطوف على (آمَنُوا) داخل معه في حيز الصلة ، والحصر باعتبار الكمال. أى : إنما
الكاملون في الإيمان الذين آمنوا بالله ـ تعالى ـ ، وبرسوله صلىاللهعليهوسلم من صميم قلوبهم ، وأطاعوا في جميع الأحكام التي من جملتها
ما فصل من قبل. وإذا كانوا معه صلىاللهعليهوسلم على أمر مهم يجب إجماعهم في شأنه كالجمعة والأعياد والحروب
، وغيرها من الأمور الداعية إلى الاجتماع ... لم يذهبوا عنه صلىاللهعليهوسلم (حَتَّى
يَسْتَأْذِنُوهُ) في الذهاب فيأذن لهم ... .
وخص ـ سبحانه ـ الأمر
الجامع بالذكر ، للإشعار بأهميته ووجوب البقاء معه صلىاللهعليهوسلم حتى يعطيهم الإذن بالانصراف ، إذ وجودهم معه يؤدى إلى
مظاهرته صلىاللهعليهوسلم ومعاونته في الوصول إلى أفضل الحلول لهذا الأمر الهام.
ثم مدح ـ سبحانه ـ
الذين لا يغادرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا كانوا معه على أمر جامع حتى يستأذنوه فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ
أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ).
أى : إن الذين
يستأذنونك في تلك الأحوال الهامة ، والتي تستلزم وجودهم معك ، أولئك الذين يؤمنون
بالله ورسوله حق الإيمان ، لأن هذا الاستئذان في تلك الأوقات دليل على طهارة
نفوسهم ، وصدق يقينهم ، وصفاء قلوبهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ
وظيفته ـ صلىاللهعليهوسلم فقال : (فَإِذَا
اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ ، فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________