العلوم الشّيطانية ووسائل الفساد والإنحراف ، حيث تطورت بشكل مذهلٍ ، الى
حدٍ إنّ القوى الشيطانيّة التي تقف وراء إنتاج أدوات الإفساد الإجتماعي ، يتوصلون
إلى تحقيق أهدافهم بطرق ملتويةٍ كثيرةٍ ويسيرةٍ ، ومثل هذه الظّروف والأجواء تحتم
علينا الإهتمام بالمسائل الأخلاقية أكثر من أيّ وقت مضى ، وإلّا فعلينا أن نتوقّع
الكارثة ، أو الكوارث التي تشلّ في الناس إرادة المواجهة ، وتحولهم إلى كياناتٍ
مهزوزةٍ أمام حالات الخطر.
ويجب على
العلماء الواعين والمفكّرين المخلصين ، أن يتحركوا من موقع التّكاتف فيما بينهم ،
لتعميق الأخلاق في قلوب الناس ، وتفعيل عناصر الخير في وجدانهم ، والانتباه إلى
الخطر المحيط بالأخلاق ، بحيث إنّ البعض أنكر فائدتها من الأساس ، أو ذهب إلى
أنّها غير ضروريّةٍ ، والبعض الآخر تعامل معها من موقع المصلحة والبرُاجماتية ،
للوصول إلى مطامعه السّياسية.
ولحسن الحظ
فإنّنا كمسلمين ، نمتلك مصدراً عظيماً للمعارف الأخلاقيّة ، وهو القرآن الكريم ،
الذي لا يُدانيه أيّ مصدر ديني آخر في العالم.
ورغم أنّ
العلماء والمفسّرين ، قد تناولوا البحوث القرآنية في دائرة الأخلاق ، بالبحث
والدّراسة ، إلّا أنّ هذه الأبحاث والدراسات جاءت متفرقة ولا تفي بالغرض ، ولهذا
إفتقرت السّاحة الثقافية والتّفسيرية ، إلى كتابٍ أو كُتبٍ لدراسة هذا الموضوع ،
بالإستيحاء من الآيات القرآنية ، فكان هذا الكتاب الذي بين أيديكم وبإسم : (الأخلاق
في القرآن) ، إستجابة عمليّةً لِهذه الحاجة الماسّة في حركة الواقع الثّقافي
والدّيني ، لسدّ هذه الثّغرة في صرح البناء الثقافي والحضاري للإسلام.
وجاء هذا
الكتاب ، بعد بحوثٍ ودراسات في التّفسير الموضوعي للقرآن الكريم شملت المعارف
والعقائد الإسلاميّة في دورته الاولى ، ولتكون الدّورة الثّانية ، مختصّةً ببحوث
الأخلاق الإسلاميّة في القرآن الكريم.
وبحمد الله فقد
إنتهينا من هذه الأبحاث الأخلاقية في ثلاث أجزاء ، تناول الجزء الأوّل منها ، دراسة
المسائل الأخلاقيّة الكليّة في دائرة الأخلاق ، وهذا هو الكتاب الذي بين أيديكم ،