وَيَزِيدُ في العَمَلِ إِذا اثنِيَ عَلَيهِ ،
وَيَنْقُصُ مِنْهُ إِذا لَمْ يُثْنَ عَلَيهِ» (١).
وورد نفس هذا المعنى عن لقمان الحكيم أيضاً (٢).
وخلاصة القول : إنّ كلّ عملٍ ، كان القصد منه المباهاة للناس ، فهو دليلٌ على الرّياء ، ومهما كان هذا القصد غامضاً وخفيّاً في دائرة الوعي ، فهو دليلٌ على إزدواجيّة شخصيّة الإنسان في التعامل مع نفسه ، في الخلأ والملأ.
وهذا الأمر في الحقيقة بالغ في الدقّة والغموض ، لدرجةٍ أنّ الإنسان يخدع وجدانه وضميره ، بإتيان نفس الأعمال التي يأتي بها في الملأ ، وبدرجةٍ عاليةٍ من الجودة والحُسن ، في خلوته ليقنع نفسه أنّه لا يُرائي ، لأنّه يساوي بأعماله في الظّاهر والباطن ، ولكنّ الحقيقة هي إزدواجيّة ذلك الشّخص ، ففي كلا الحالتين يكون مرائياً.
بالطّبع يجب إجتناب الإفراط والتّفريط في هذه المسائل ، لأننا وجدنا اناساً إمتنعوا من أداء كثيرٍ من الواجبات وحُرموا من الثّواب حذراً أو خوفاً من الرّياء ، فلم يؤلّفوا كتاباً ، ولم يرشدوا أحداً من النّاس ، ولم يصعدوا المنابر ، لا لِشيءٍ إلّا لأنّهم كانوا يعيشون الخوف من الوقوع في الرّياء؟!
وقد ورد في الرّوايات ، أنّ من يقصد القُربة إلى الله تعالى ، إذا أتى بعملٍ ما علانيةً ، وعرف به الناس وفرح هو من ذلك ، ما دام قصده هو التّقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، فلن يؤثّر ذلك على عمله (٣).
ولا يخفى على القارىء الكريم ، أنّ القصد من هذا الأمر ، هو تشجيع النّاس إلى سلوك طريق الخير والصّلاح ، وإمضاء أعمالهم المتقرّب بها إلى الله تعالى ، في السّر والعلانية ، والمهم هو قصد القُربة وإخلاص النيّة فقط.
وجاءت الآيات والرّوايات ، مؤكّدةً لهذا المعنى ، وحثّت الإنسان على الإنفاق والتّصدق
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ، إبن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ١٨٠.
٢ ـ الخصال : (طبقاً لنقل ميزان الحكمة ، ج ٢ ، ص ١٠٢٠) ، الطّبعة الجديدة.
٣ ـ راجع وسائل الشّيعة ، ج ١ ، الباب ١٥ ، من أبواب مقدمة العبادات ، ص ٥٥.