تحكي أنّه عاد بعدها إلى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وتاب على يده ، فنزلت الآية أدناه لتوكيد قبول توبته ، وهي الآية (١٣٥) من سورة آل عمران : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
٢ ـ نقل عن حالات الفقيه الكبير ، المرحوم آية الله ، البروجردي قدسسره ، عند ما كان يجلس للدرس مع طلابه ، فربّما بَدَر منه أثناء النّقاش ، أن يرفع صوته بالتّوبيخ لأحد طلّابه ، ولم يكن ذلك منه إلّا من باب المحبّة ، وعلاقة الأب مع إبنه ، فكان يندم مباشرةً ويعتذر ، وينذر للصوم في غَدِه ليُكفّر عن فعله ، رغم أنّه لم يصدر منه ما يخالف الشّرع.
٣ ـ نقلُ أحد كِبار عُلماء الأخلاق ، عن أحد الوعّاظ ، أنّه عند ما كان يصعد على المِنبَر للوعظ والخطابة ، وقبل الشّروع كان يُسلّم على الحسين عليهالسلام ، ولا يبدأ بكلامه حتى يسمع الجواب منه عليهالسلام ، هذه الحالة المعنوية ، لم تحصل لديه إلّا بعد حادثةٍ حدثت له مع أحد الوعّاظ ، حيث قَرّر في يوم من الأيّام مع نفسه ، يكسر مجلس ذلك الواعظ المعروف ، بإيراده كلاماً أبلغ وأحلى من كلام ذلك الشّيخ ، فتنبّه لِخَطئه ، وأخذ على نفسه بعدم إرتقاء المنبر لمدّة (٤٠) يوماً ، عِقاباً لنفسه على فعلتها تلك ، فالقي في قلبه ذلك النّور وتلك الحالة الإلهيّة. (١)
وزبدة الكلام ، أنّه وللحصول على النتائج والمعطيات ، المرجوّة من المراقبة والمحاسبة ، أن يتحرك الشّخص في عملية التّزكية ، من موقع معاقبة النفس عند زلَلِها وجُموحها عن الطريق ، وإلّا فلا يمكن تَوخّي النّتائج المطلوبة في نطاق التّهذيب والتّزكية ، وهذا لا يعني أننا نُمضي أعمال وفعال بعض الصّوفيين المنحرفين ، كما أورد بعضها الغزالي في كتابه : «إحياء العلوم» ، فما يفعلوه من أعمال خَشنةٍ مُتهوِّرة ، وسلوكياتٍ شاذةٍ ، في دائرة معاقبة النفس وجُبران تقصيرها ، لا تَمُتّ إلى الدّين بصلةٍ ، وقصدنا من المعاقبة ، هي أعمالٌ مشروعةٌ في دائرة المفاهيم الإسلاميّة ، كالصّوم ، ومخالفة الهوى ، وحرمان النفس من بعض لذّاتها المادية ، التي لا تخدش في سماحة الدين ورأفته ، بل هي من اسسه.
__________________
١ ـ وكذلك قصّة علي بن يقطين ، وإبراهيم الجمّال المعروفة.