فاعل في تربية ونمو الصفات الأخلاقيّة ، أيّاً كانت ، فإذا كانت الثّقافة السّائدة بمستوى مرموق ، فمن شأنها أن تفرز لنا أفراداً ذوي صفاتٍ حميدةٍ وأخلاقٍ عاليةٍ ، والعكس صحيح ، والآيات الكريمة السّابقة الذّكر ، تُشير إلى المعنيين أعلاه.
ففي «الآية الاولى» : نقرأ قول الأقوام السّالفة ، الّذين يعيشون الإنحراف ، ويمارسون الخطيئة من موقع الوضوح في الرؤية ، فإذا سُئلوا عن الدّافع لمثل هذه التصرفات الشائنة ، والسلوكيات المنحرفة ، قالوا بلغة التّبرير : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا ...).
ولم يكتفوا بذلك بل تعدّوا الحدود ، وقالوا : (وَاللهُ أَمَرَنا بِها).
بناءً على ذلك ، فإنّهم إتخذوا سُنّة الّذين مَضوا من قبلهم دليلاً على حسن أعمالهم ، ولم يخجلوا من أفعالهم القبيحة ، على مستوى النّدم والإحساس بالمسؤوليّة ، بل كانوا يعطوها الصّبغة الشرعيّة أيضاً.
«الآية الثّانية» : طرحت نفس المعنى ولكن بشكل آخر ، فعند ما كان الأنبياء يدعون أقوامهم إلى الشريعة الإلهيّة النّازلة من عند الله تعالى ، كانوا يتحرّكون في المقابل من موقع العناد والتكبّر ، ويقولون بِغرور : (سنتّبع سنّة آبائنا).
ولم يكن سبب ذلك ، إلّا لأنّهم وجدوا آبائهم يؤمنون بها ويتّبعونها ، وبذلك لبست ثياب القداسة وإعتبروها ديناً في حركة الحياة والواقع ، فهي عندهم أفضل من آيات القرآن الكريم ، وشرائع الباري تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) ، وعليه ، فلما ذا فضّلوا العمل بسنّة الجهلاء ، على إتّباع آيات الوحي الإلهي؟.
ويضيف القرآن الكريم قائلاً : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ).
وَوَرد في «الآية الثّالثة» : الكلام عن السّنن وعادات الأقوام أيضاً ، ودور الثّقافة الخاطئة في صياغة الأعمال المتقاطعة مع الأخلاق ، ففي بيان يشابه الآيات الماضية ، نقرأ قصّة إبراهيم