وذهبت طوائف إلى جواز الصرف في صنف واحد. منهم عمر وابن عباس وعطاء وابن جبير ومالك وأبو حنيفه.
قال في التهذيب : وخرجوا عن الظاهر في دلالة الآية المذكورة والخبر بوجوه :
الأول : أن الله ـ تعالى ـ قال في سورة البقرة : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (١) فدل على أن ذكر العدد هنا لبيان جنس من يستحقها.
الثاني : الخبر ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم لمعاذ : «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم.
الثالث : حديث سلمة بن صخر. فإنه صلىاللهعليهوسلم جعل له صدقة بنى زريق.
الرابع : أنه لم يظهر في ذلك خلاف من جهة الصحابة فجرى كالمجمع عليه (٢).
٣ ـ يرى جمهور العلماء أن الفقراء والمساكين صنفان من مصارف الزكاة لأن الله.
ـ تعالى ـ قد ذكر كل صنف منهما على حدة ، إلا أنهم اختلفوا في أيهما أسوأ حالا من الآخر.
فالشافعية يرون أن الفقير أسوأ حالا من المسكين.
ومن أدلتهم على ذلك ، أن الله. تعالى. بدأ في الآية بالفقراء ، وهذا البدء. يشير إلى أنهم أشد حاجة من غيرهم ، لأن الظاهر تقديم الأهم على المهم.
ولأن لفظ الفقير أصله في اللغة المفقور الذي نزعت فقرة من فقار ظهره ؛ فلا يستطيع التكسب ، ومعلوم أنه لا حال في الإقلال والبؤس آكد من هذه الحال.
ولأن الله. تعالى. وصف بالمسكنة من كانت له سفينة من سفن البحر فقال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ..) (٣).
أما الأحناف والمالكية فيرون أن المسكين أسوأ حالا من الفقير.
ومن أدلتهم على ذلك : أن علماء اللغة عرفوا المسكين بأنه أسوأ حالا من الفقير ، وإلى هذا ذهب يعقوب بن السكيت ، والقتبى ، ويونس بن حبيب.
ولأن الله ـ تعالى ـ وصف المسكين وصفا يدل على البؤس والفاقة فقال : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) أى : مسكينا ذا حاجة شديدة ، حتى لكأنه قد لصق بالتراب من شدة الفاقة ، ولم يصف الفقير بذلك .. (٤).
__________________
(١) الآية ٢٧١.
(٢) تفسير القاسمى ج ٨ ص ٣١٨٢.
(٣) سورة الكهف. الآية ٧٩.
(٤) راجع تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٦٨.