إعدادات
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
المؤلف :أبي محمّد صدر الدين روزبهان بن أبي نصر البقلي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :542
تحمیل
سيره إلى الله على نعت التجريد مما سواه وهو في منظر من الله بالمراقبة والإجلال لم تضره أوقات الرفاهية والدخول في الرخص والبسط في السعادة مادام يشبه بشرط العلم.
قال سهل : إذا طلب الحلال ولم يأخذ فوق الكفاية وآثر مما حمله رواسي.
(جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧) اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٩٩) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠))
قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) ألبس الله الكعبة سناء قدس آياته ونورها بصبح مشارق صفاته من مطالع ذاته ، وصيرها مرآة حسنه وجماله لنظر نظار معارفه ، وأبصار عشاق كواشف رداء عظمته وكبريائه ؛ لقيامهم على مشاهد قربه ومواقف قدسه ، ليطلبوا منها رؤية براهين هلال صفته ومشارق صنع جلال قدمه ، وحرّم تلك المنازل على الأغيار دون الأخيار ، ومنع الأخيار عن الدخول فيها مع بقاء نفوسيتهم ؛ ليعلموا أنها ممنوعة من تناول الكل لهم ، ليعرفوا عين القدم أنه منزّه عن خطرة كل حادث ، جعل الكعبة بيته ، وجعل بيته قلب العالم ، ويظهر بجلاله منه لعيون العارفين ، كما ظهر لموسى عليهالسلام من طور سيناء ، وظهر لعيسى عليهالسلام من طور المصيصة ، وظهر لمحمد صلىاللهعليهوسلم وأمته من الكعبة ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «جاء الله من سيناء ، واستعلن بساعير ، وأشرف من جبال فاران» (١) ، هكذا جعل قلب العارف كعبة مشاهدته في حرم صورته ، وسد بابه عن كل طائف غير نظره ، فيظهر آثار جلاله من صورهم.
قال الشبلي : الكعبة أمام أعين الناس ، والحق أمام قلوب أوليائه.
وقيل : البيت الحرام حرام في مجاورته ارتكاب المخلفات بمحال.
وقيل : حرام على من يراه أن يرى وصفه دون واصفه.
وقيل : (قِياماً لِلنَّاسِ) أي : من ذلّ عن قيامه فاعوجّ بالتدنس بمعصية ، فأتاه فتعلق به ، أقامه ببركة آثار الأنبياء عليهمالسلام والسادة فيه وردّه إلى حالة الاستقامة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها
__________________
(١) تقدم تخريجه.