وفي الآيات ، التباسا ومن وقع في المعرفة وأرادني صرفا أتجلى له بلا علة ؛ لأن الإرادة محل الغيبة ، والمعرفة محل الحضور ، وأيضا ثواب الدنيا صحبة الأولياء ، وثواب الآخرة صحبة الحق.
قيل : ثواب الدنيا العافية.
وقيل : إلهام شكر النعمة ، وثواب الآخرة : الجنة ونعيمها
(بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣))
قوله تعالى : (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) أي : محبكم بمحبة الأزلية ، وحافظكم عن شر أنفسكم ، وكل خاطر يشير إلى غيره ، وناصركم عند تحملكم مشاق العبودية عن إباء نفوسكم عن تحملها.
قال ابن عطاء : معينكم على ما حملكم من أوامره ونواهيه.
قال جعفر : متولي أموركم بدار عاقبته.
وقال ابن عطاء في قوله : (وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) : خير الناصرين لكم على أنفسكم وهواكم (١).
قوله تعالى : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي : منكم من وقع في بحر غنى القدم واتصف به ، ويخرج منه بنعت التمكين ، ورؤية النعم في شكر المنعم كسليمان عليهالسلام ، ومنكم من وقع في بحر التنزيه وتقديس الأزلية ، فغلب عليه القدس والطهارة ، فيخرج بنعت الفقر بتجريد التوحيد ، وإفراد قدمه من الحدوث ، كمحمد صلىاللهعليهوسلم حيث قال :
__________________
(١) ويقال : كل من استنصرت به احتجت إلى أن تعطيه شيئا من كرائمك ثم قد ينصرك وقد لا ينصرك ، فإذا استنصرته ـ سبحانه ـ يعطيك كلّ لطيفة ، ولا يرضى بألا ينصرك. انظر : تفسير القشيري (١ / ٤٠٢).