الطاعات ، ولزوم المحاريب.
وقال الواسطي : هو قائم بربه يصلي سره بمحاربة نفسه وهواه.
وقال أبو عثمان : (الْمِحْرابَ) باب كل بر ، وموضع الإجابة ، واستفتاح الطريق الانبساط ، والمناجاة والإعراض عن المحراب سبب إغلاق الباب دونك.
قال الله تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) وقيل : ملازمة الخدمة يورثك آداب الخدمة ، وآداب الخدمة يورثك منازل القربة ، ومنازل القربة تورثكم حلاوة الأنس (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى) يسمى يحيى ؛ لأنّ من نظر إليه يرى مشاهدة الحق في جمال نبوته ، فيحيي قلبه من موت الفترة.
وقيل : إنه حيا به عقر أمه.
وقيل : إنه سبب حياة من آمن بقلبه (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) السيد الذي قد غلب عليه نور هيبة عزة الحق جل وعلا ، والحصور الذي عصم عن جميع الشهوات بعصمة الأزلية ، وأيضا السيد الذي خلعه نور الأنانية ، وكساه لباس الفردانية ، وتوجه بتيجان البهاء حتى يستحق أن يستحيي منه جميع الخلق ، ويضعوا تحت أمره ونهيه أعناق الجبرية ، والحصور المقدس عن شوائب التقليد ، وعن الالتفات إلى الكونين ، وقيل : (وَسَيِّداً) ؛ لأنه لم يطلب لنفسه مقاما ولا شاهدا لنفسه قدرا.
وقال جعفر بن محمد : السيد الذي عرف ربه وأنكر ما دونه ، والحصور الذي يملك ولا يملك ، والسيد الذي يألف ولا يؤلف ، والحصور الذي لا يعرف سوى الله.
وقال : السيد الذي ساد أهل زمانه بأخلاقه ، والحصور الذي حصر ماءه عن النساء وسمي يحيى حصورا ؛ لأنه قرع في قلبه تلك العظمة ، فخذ فيه ماء الشهوات ، وصار حصورا ومحصورا.
وقال ابن عطاء : السيد المتحقق بحقيقة الحق ، والحصور المنزه عن الأكوان وما فيها.
وقال جعفر : السيد المبائن عن الخلق وصفا وحالا وخلقا.
وقال النصر آبادي : السيد من صحح نسبته مع الحق ، فاستوجب به ميراث نسبته.
وقال الجنيد : السيد الذي جاد بالكونين عوضا عن ربه.
وقال محمد بن على : السيد من استوت أحواله عند المنع والعطاء.
وقال ابن منصور : السيد من خلى من أوصاف البشرية ، وأظهر بنعوت الربوبية.
قوله تعالى : (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) لما وعد الله تعالى نبيه عليهالسلام يحيى طلب من الله تعالى علامة وقت ظهوره ، ولا يشك في وعد الله لكن غرضه طمأنينة قلبه ليتهيأ أسباب