يكونوا في درجة واحدة ورتبة متساوية ، كيف وأصحاب الإجماع كلّهم كانوا فقهاء ومراجع للنّاس في الفتيا ولكنّهم ـ مع الاعتراف بفضل الكلّ ـ كانوا على درجات متفاوتة في الفقاهة ـ ومع ذلك ـ فقد أمر النّاس باتّباعهم واقتفائهم من دون حصر الأمر بالرّجوع في الأعلم منهم. فالفرق بين الصورة الثانية والثالثة هو عدم المقتضي في الأُولى مع وجود المانع ، لعدم شمول الإطلاقات صورة العلم بالمخالفة ، والسيرة على حصر الرّجوع إلى الأفضل ، بخلاف الأُخرى فالإطلاق لأجل عدم العلم بالمخالفة محكّم ، والسيرة على عدم تعيّن الرجوع إلى الأفضل.
فإن قلت : مع خروج صورة العلم بالمخالفة بين الفاضل والمفضول عن تحت الإطلاقات ، فعند الشكّ بالمخالفة لا يصحّ التمسّك بها لأنّه من قبيل التمسّك بالعامّ في الشّبهة المصداقيّة ، فقوله (عليهالسلام) عليك بالأسديّ أو بيونس ابن عبد الرّحمن مثلاً ، مطلق ، خرج منه ما إذا كان الرّأي مخالفاً لرأي الفاضل ، ومع فرض الشكّ في المخالفة يوجب الشكّ في كون المفضول باقياً تحت العامّ أو خارجاً منه ، ومعه لا يصحّ التمسّك.
قلت : إنّ الخارج عن تحت الإطلاقات هو العلم بالمخالفة لا صورة نفس المخالفة الواقعيّة ، فما لم تحرز المخالفة بين المرجعين فالإطلاق محكّم.
وربمّا يجاب تارة بأن المخصّص (السيرة) إذا كان لبيّاً ، جاز التمسّك بالعامّ في الشّبهة المصداقيّة ، وأُخرى بإمكان إحراز عدم عنوان المخصّص بأصالة عدم تحقّق المخالفة بينهما ، فببركة هذا الأصل يمكننا إحراز أنّ المشتبه هو من الأفراد الباقية تحت العامّ (١).
يلاحظ على الأوّل : بما قدّمناه في مبحث العامّ والخاصّ ، بأنّه لا فرق في المخصّص بين كونه لفظيّاً أو لبيّاً. فإذا لم يجز التمسّك به في الأوّل عند الشكّ في
__________________
(١) التنقيح على شرح العروة للسيّد الخوئي (رحمهالله) ١ / ١٥٩ و ١٦٠.