أ ـ الاستحسان (١) ، وأوّل من رجعَ إليه «عبد الله بن عمر» وتبعه أبو حنيفة وصار أصلاً واسعاً في فقه الأحناف ، غير أنّ الإماميّة والشّافعية والظّاهرية والأوزاعيّة (٢) والثوريّة (٣) رفضوه ولم يعتدّوا به ، حتّى أنّ الشافعيّ ألّف كتاباً باسم «إبطال الاستحسان» وقال : من استحسن فقد شرّع.
__________________
(١) ذكر له ابن قدامة معاني ثلاثة : «أحدها : العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاصّ من كتاب أو سنّة ، ثانيها : ما يستحسنه المجتهد بعقله ، ثالثها : دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه».
وذكر البزدوي من الأحناف من أنّه : «العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه أو هو تخصيص قياس بدليل أقوى منه». (الأُصول العامّة للفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم : ٣٦٢).
(٢) نسبة إلى الأوزاعي وهو عبد الرّحمن بن عمرو بن يحمد بن عبد عمرو الأوزاعي.
قال الحافظ «أبو حاتم محمّد بن حبّان التميمي البستيّ» في مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار : ٢٨٥ و ٢٨٦ رقم ١٤٢٥ :
«والأوزاع التي عرف بها قرية بدمشق خارج باب ـ الفراديس ، كنيته : أبو عمرو ، تولّد سنة ٨٠ ه ـ ومات ببيروت سنة ١٥٧ ه ـ كان قد دخل الحمّام فزلقت رجله وسقط فغشي عليه ولم يعلم به حتّى مات فيه وقبره ببيروت مشهور يزار».
وفي تعليقة تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين : ٢١٨ : «ولادته ٨٨ ه ـ ووفاته ١٥٨ ه ـ ، وكان بعض العلماء يفضلونه على سفيان الثوري ، وهو صاحب مدرسة في الفقه ، وكان مذهبه منتشراً في الشام انتشاراً واسعاً ، وظلّ لمذهبه أنصار في المغرب والأندلس حتّى القرنين الثالث والرّابع للهجرة ، ثمّ توارى أمام المذهب الشافعي ومذهب مالك».
(٣) نسبة إلى سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفيّ من ثور ابن عبد مناة بن أدّ بن طانجة ، وقيل : من ثور همدان والصحيح الأوّل ، كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني : ٤ / ٩٩ رقم ١٩٩ ، وقال : روى عنه خلق لا يحصون منهم ... الأوزاعي ومالك ... ثمّ قال : قال الخطيب : كان إماماً من أئمّة المسلمين وعلماً من أعلام الدّين مجمعاً على إمامته.
وقال النسائي : وهو أحد الأئمة الّذين أرجو أن يكون الله ممّن جعله للمتقين إماماً.
وقال صالح بن محمّد : سفيان ليس يقدّمه عندي أحدّ في الدّنيا وهو أحفظ وأكثر حديثاً من مالك ، ولكنّ مالكاً كان ينتقي الرّجال وسفيان يروي عن كلّ أحد.