فيها موضوعاً في الكبرى ، أعني قوله : «لا ضرر ولا ضرار».
وأمّا الثاني ، فلأنّها عبارة عن الحكم التي لا يلزم أن تكون سائرة في كل مورد ، بل تكفي الأغلبية ، كما في كون الحكمة في العدة عدم اختلاط المياه. وأمّا المقام فليس كذلك ، لأنّ دفع الضرر الذي هو نكتة التشريع فرضاً ، يصلح لجعل عدم اللزوم لبيع الشريك أو عدم صحّته ، لا لجعل جواز أخذه شفعة. وأمّا منع فضول الماء فالنكتة فيه منتفية ، لعدم الضرر في المنع بل أقصاه عدم النفع. (١)
ويظهر النظر مما ذكرناه في دفع الإشكالات السابقة ، فإنّ القاعدة في المقام ليست إلّا من قبيل نكتة التشريع. ودفع الضرر ، وإن كان يحصل برفع اللزوم والصحّة ، لكنّه يستلزم ورود الضرر على البائع فيلزم أن يكون ماله بلا مشتر. فلا محيص ، من باب دفع الضرر ، عن اختيار شيء آخر ، وهو جواز أخذه بالشفعة بثمن المثل.
وأمّا القول بأنّ الموجود في مورد منع الماء هو عدم الانتفاع لا الضرر ، فقد عرفت عدم تماميته ، وأنّ الحياة البدوية في المناطق الحارة ، أو أكثر المناطق المعمورة ، تدور على الاعاشة من المياه الموجودة. وحرمان أصحاب الدواب منها ، يستلزم هلاكها ودمارها كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الثمرة في ورودها في ذيل الحديث تظهر في توضيح مفاد القاعدة لأنّ من محتملاتها جعل النفي بمعنى النهي. وهذا لا يتمشّى في مورد الحديثين ، إذ لا معنى فيهما للنهي عن الضرر ، بل الظاهر كون النفي بمعناه ، وقد صار مبدءاً لإثبات حقّ الشفعة ، وتحريم المنع عن بذل فضل الماء ، ولا معنى للخطاب إذا لم يكن هناك مخاطب.
نعم في صحّة الروايتين تأمّل ، لأنّ محمّد بن هلال وعقبة بن خالد لم يوثقا وإن كان الأوّل من مشايخ الكليني والثاني من أصحاب الصادق (عليهالسلام) ، فلاحظ معاجم الرجال.
__________________
(١) تهذيب الأُصول ، ج ٢ ، ص ٤٥٢ ، بتحرير جديد.