«لا ضرر» ، على المعنى المختار عند الشيخ. وهذا بخلاف ما إذا قال : «لا تكرم زيداً» فانّ صحّة النهي عن اكرامه لا تتوقف على ورود الأمر باكرام العلماء جميعاً. وعلى هذا ، تكون الحكومة قائمة بلسان الدليل عند مقارنة دليل مع دليل آخر.
فإن قلت : كيف تفسّرون الحكومة بالشرح والتفسير والتعرّض والنظارة ، مع أنّ هناك قسماً من الحكومة ليس بهذا النمط كحكومة الأمارات على أدلّة الأُصول الشرعية.
قلت : هذا ـ وإن كان مشهوراً بين المتأخّرين حتى ذهب بعضهم إلى التفصيل بين الأُصول العقلية والشرعية فجعل الأمارة واردة في الأُولى وحاكمة في الثانية ـ ولكن الحقّ كما أوضحناه عند البحث عن تعارض الأدلّة هو ورود الأمارات مطلقاً على الأُصول عقلية كانت أو شرعية ، لأنّ موضوع الأُصول الشرعية هو الجهل بالواقع بنفسه أو بطريقه ، ومع قيام الأمارة يرتفع جزء من موضوعه.
والفرق بين الحكومة والتخصيص لطيف دقيق ، فإنّ التخصيص عند المقارنة لسانه لسان يلوح منه التعارض بين الخاص والعام ، ولسانه لسان التدافع الخفيف دون الشرح والتفسير ، ويقدّم الخاص فيه على العام لا لقوّة دلالته بل لقرينة عامة هي جريان السيرة على ذكر المخصصات بعد العمومات غير ملتزمين بذكرها متصلة بها.
وإن شئت قلت : كون الخاص بياناً للعام ، بحكم العقل. وكون الحاكم بياناً للمحكوم ، باللفظ عند المقارنة.
وما ربما يقال من أنّ وزان الخاص إلى العام وزان القرينة إلى ذيها خلط بين المحاورات العرفية والخطابات القانونية ، ففي الأولى يعدّ الخاص معارضاً إذا كان منفصلاً : ولا يعد قرينة ، وإنّما يعدّ قرينة في الخطابات القانونية ، ووجه كونها قرينة هو جريان السيرة على انفصال المخصصات عن العمومات ، ولو لا هذه السيرة لما عد الخاص قرينة على العام.