الله تعالى باسمه. ولا سبيل إلى تسبيحه تعالى ولا إلى دعائه ولا إلى ذكره إلا بتوسط اسمه. فكلا الوجهين صحيح. وتسبيح الله تعالى وتسبيح اسمه كل ذلك واجب بالنص. ولا فرق بين قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وبين قوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) [الطور : ٤٨ ـ ٤٩].
والحمد بلا شك هو غير الله. وهو تعالى يسبح بحمده كما يسبح باسمه ، ولا فرق. فبطل تعلقهم بهذه الآية. انتهى كلامه.
وقد يقال فرق بين الآيتين. فإن الباء في (بِحَمْدِ رَبِّكَ) للملابسة ، ولا كذلك هي في (بِاسْمِ رَبِّكَ) ومع اتساع اللفظ الكريم للأوجه كلها ، فالأظهر هو الأول لما أيده من الأخبار ، ولآية (فَسَبِّحْهُ) وآية (سُبْحانَ رَبِّكَ) والله أعلم.
و (الْأَعْلَى) هو الأرفع من كل شيء ، قدرة وملكا وسلطانا. واستدل السلف بظاهره في إثبات العلوّ بلا تكييف. والمسألة معروفة.
(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) قال الزمخشري : أي خلق كل شيء فسوى خلقه تسوية ، ولم يأت به متفاوتا غير ملتئم ، ولكن على إحكام واتساق ، ودلالة على أنه صادر عن عالم ، وإنه صنعة حكيم (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) أي قدر لكل حيوان ما يصلحه ، فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أي أخرج من الأرض مرعى الأنعام من صنوف النبات (فَجَعَلَهُ) أي بعد خضرته ونضرته (غُثاءً) أي جافّا يابسا تطير به الريح (أَحْوى) أي أسود ، صفة مؤكدة (لغثاء) لأن النبات إذا يبس تغير إلى (الحوّة) وهي السواد.
قال ابن جرير : وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وأن معنى الكلام : والذي أخرج المرعى أحوى أي أخضر إلى السواد فجعله غثاء بعد ذلك. وهذا القول وإن كان غير مدفوع ، أن يكون ما اشتدت خضرته من النبات ، قد تسميه العرب أسود ، غير صواب عندي بخلاف تأويل أهل التأويل في أن الحرف إنما يحتال لمعناه المخرج بالتقديم والتأخير إذا لم يكن له وجه مفهوم إلا بتقديمه عن موضعه أو تأخيره. فأما وله في موضعه وجه صحيح ، فلا وجه لطلب الاحتيال لمعناه بالتقديم والتأخير. انتهى. والقول المذكور هو للفراء وأبي عبيدة.