أما جزاء القاتل عمدا فهو القصاص أو عقوبة الإعدام إذا لم يصدر عفو من ورثة القتيل ، وله في الآخرة جهنم خالدا فيها ، وغضب الله عليه ، وطرده من رحمته ، وأعدّ له عذابا عظيما شديدا إلا أن يتوب ، فالمقرر عند أكثر العلماء أن التوبة مقبولة من قاتل النفس ، لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦)) [النساء : ٤ / ١١٦] ، وثبت أن الله تعالى قبل توبة القاتل مائة نفس كما في الصحيحين.
التثبت في الأحكام ونقل الأخبار
المسلم في كل أحكامه وتقديراته ، وظنونه وأحواله ، وسماعه الأخبار كأنه قاض عدل مهيب ، لا يتسرع في الاتهام ولا يصدق كل خبر ، ويتأنى في فهم الأشياء بعقل واع وبصيرة نافذة ، سواء في معاملته مع الأعداء في الحرب ، أو في معاملة إخوانه في داخل البلد المسلم. وقد نبّه القرآن إلى ضرورة الحذر الشديد في هاتين الحالتين ، ليكون المؤمن محل ثقة واحترام وتقدير وإعظام. قال الله تعالى مبينا ضرورة التثبت في الحكم على أشخاص العدو إيمانا وكفرا ، سلما وحربا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤)) (١) (٢) (٣) [النساء : ٤ / ٩٤].
قال ابن عباس مبينا سبب نزول هذه الآية ـ فيما رواه البخاري والترمذي والحاكم ـ : مرّ رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يسوق غنما له ،
__________________
(١) سافرتم.
(٢) الاستسلام أو تحية السلام والإسلام.
(٣) الغنيمة.