تعلّقت بالاستكمال والترقّي والتعالي.
وأما قوله عليهالسلام : «ثم يوحي الله إلى الملكين : اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري واشترطا لي البداء فيما تكتبان» ، يظهر من جملة من الروايات أن المكتوب عليه هو الجبين. وأما اشتراط البداء فيدلّ عليه نصوص كثيرة ، الدالّة على ثبوته في جملة من موارد القضاء والقدر ، وسنتعرّض لتفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما قوله عليهالسلام : «فيقولان : ما نكتب؟ فيوحي الله عزوجل إليهما : أن ارفعا رءوسكما إلى رأس امه فيرفعان رؤوسهما فإذا اللوح يقرع جبهة امه فينظران فيه» ، لأن محل مجمع الحواس هو الجبهة ، فيكون أشرف من سائر أعضاء البدن ، والتخصيص بالأم لأن الأب قد انفصل عنه بانفصال النطفة ، ولكثرة علاقة الام بالحمل ، ولذا يكون جبينها حاملا للمواثيق.
وأما قوله عليهالسلام : «فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه سعيدا أو شقيا وجميع شأنه فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان» ، ولعلّ اشتراط البداء من أجل أن الحوادث اللاحقة على الإنسان وما يجري عليه في المستقبل ، تكون لأجل مقتضيات خاصة لا بد من تبدّلها وتغيّرها ، فلا بد من اشتراط البداء حينئذ ، حفظا لنظام الأسباب والمسبّبات ، وممّا ذكرنا ظهر شرح بقية الحديث.
القمّي في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) ، قال عليهالسلام : «يعني ذكرا أو أنثى وأسود وأبيض وأحمر وصحيحا وسقيما».
أقول : ما ذكره عليهالسلام من باب الغالب والمثال وإلا فتصورات الأرحام بالنسبة إلى جميع الجهات والمقتضيات غير معلومة إلا له تبارك وتعالى ، ولذا قال تعالى : (كَيْفَ يَشاءُ) معلّق على مشيئته غير المحدودة ، ويشهد لذلك أنه عليهالسلام لم يذكر الجمال ـ مثلا ـ مع أنه من أهم وأتمّ جهات صور الإنسان.