طريق الاستعارة المكنية. وأثبت له ما هو من خواصه تخييلا ، وهو قوله : (ذُو الْأَوْتادِ) فإنه لازم له. أو هو كناية. حيث أطلق اللازم وأريد الملزوم وهو الملك الثابت. وقد جاء هذا في قول الأسود من شعراء الجاهلية :
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة |
|
في ظل ملك ثابت الأوتاد |
أو المعنى : ذو الجموع الكثيرة. سمّوا بذلك لأن بعضهم يشد بعضا ، كالوتد يشد البناء. فالاستعارة تصريحية في الأوتاد. أو هو مجاز مرسل للزوم الأوتاد للجند. أو هو على حقيقته والمراد المباني العظيمة والهياكل الثابتة الفخيمة. واللفظ صادق في الكل.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ) (١٣)
(وَثَمُودُ) وهم قوم صالح (وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أي الغيضة ، وهم قوم شعيب (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) أي الكفار المتحزبون على رسلهم ، الذين جعل الجند المهزوم منهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) (١٤)
(إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) أي فوجبت عليهم عقوبتي. قال الشهاب : (إِنْ) نافية و (كُلٌ) محذوف الخبر. والتفريغ من أعمّ العام. أي ما كل أحد مخبر عنه بشيء ، إلا مخبر عنه بأنه كذب جميع الرسل ، لأن الرسل يصدق كلّ منهم الكل. فتكذيب واحد منه تكذيب للكل. أو على أنه من مقابلة الجمع بالجمع. فيكون كل كذب رسوله. أو الحصر مبالغة. كأن سائر أوصافهم بالنظر إليه ، بمنزلة العدم. فهم غالون فيه. انتهى.
وقال الزمخشريّ : وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه ، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا ، والاستثنائية ثانيا. وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص ـ أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب وأبلغه.
وزاد الناصر فائدة أخرى للتكرير. وهي أن الكلام لما طال بتعديد آحاد