بعولتهن شأنهم خدمة الآباء وخدمة أحبابهم. وإخوانهن هم الأولياء بعد
الآباء. وبنوهم أولياء بعدهم. وكذا بنوا أخواتهن ، هم كبني إخوانهن في القرابة
فيتعيرون بنسبة السوء إلى الخالة. تعيرهم بنسبته إلى العمة. هذا ما أشار له
المهايمي.
وأجمل ذلك
الزمخشري بقوله : وإنما سومح في الزينة الخفية أولئك المذكورون ، لما كانوا مختصين
به من الحاجة المضطرة إلى مداخلتهم ومخالفتهم. ولقلة توقع الفتنة من جهاتهم ولما
في الطباع من النفرة عن ممارسة القرائب. وتحتاج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار
للنزول والركوب وغير ذلك. وقوله تعالى (أَوْ نِسائِهِنَ) قيل : هن المؤمنات. أخذا من الإضافة. فليس للمؤمنة أن
تتجرد بين يدي مشركة أو كتابية. وقيل : النساء كلهن. فإنهن سواء في حل نظر بعضهن
إلى بعض.
قال في (الإكليل)
: فيه إباحة نظر المرأة إلى المرأة كمحرم. وروى ابن أبي حاتم عن عطاء ؛ أن أصحاب
النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما قدموا بيت المقدس ، كان قوابل نسائهن اليهوديات
والنصرانيات.
وقال الرازيّ :
القول الثاني هو المذهب وقول السلف الأول محمول على الاستحباب والأولى.
وقوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) أي لاحتياجهن إليهم. فلو منع دخولهم عليهن اضطررن. قاله
المهايميّ. وظاهر الآية يشمل العبيد والإماء. وإليه ذهب قوم. قالوا : لا بأس عليهن
في أن يظهرن لعبيدهن من زينتهن ما يظهرن لذوي محارمهن. واحتجوا أيضا بما رواه أبو
داود عن أنس أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها. قال : «وعلى فاطمة ثوب ،
إذا قنعت به رأسها ، لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت به رجليها ، لم يبلغ رأسها ، فلما
رأى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ما تلقى قال : «إنه ليس عليك بأس. إنما هو أبوك وغلامك».
وجاء في (تاريخ
ابن عساكر) أن عبد الله بن مسعدة كان أسود شديد الأدمة. وقد كان وهبه النبيّ صلوات
الله عليه لابنته فاطمة. فربّته ثم أعتقته ، ثم كان ، بعد مع معاوية على عليّ.
نقله ابن كثير ، فاحتمل أن يكون هو هو. والله أعلم.
وذهب قوم إلى
أنه عنى بذلك الإماء المشركات ، وأنه يجوز لها أن تظهر زينتها إليهن وإن كن
مشركات. قالوا : وسرّ إفراد الإماء مع شموله قوله (أَوْ نِسائِهِنَ) لهن
__________________