بإثباتها ، وهي عبارة عن المعذريّة والمنجزيّة في علاقة العبد مع مولاه في مقام الامتثال ، وهذا المعنى هو المبحوث عنه عند الأصولي.
وقد استدلّ بعض العلماء على حجيّة القطع بهذا المعنى بقاعدة قبح الظلم وحسن العدل ، بتقريب : انّ العبد إذا قطع بتكليف مولوي ، كانت مخالفته لما قطع به ظلم لمولاه ، وإذا فرض أنّه قطع بترخيص ، كان جريه على طبق ما قطع به ، عدل.
وبما أنّ العدل حسن ، والظلم قبيح ، فيجب الجري على طبق القطع ، وبهذا تثبت منجزيّته ومعذريته ، وتكون بذلك حجيّة القطع من صغريات قاعدة حسن العدل ، وقبح الظلم ، وبهذا يكون فاعل الحسن مستحقا للمدح والثواب ، وفاعل القبح مستحقا للذمّ والعقاب ، ومن هنا اختلفت مبانيهم في حجيّة القطع بحسب اختلافهم في مباني هذه المسألة ، فمن جعل منهم قبح الظلم وحسن العدل من الأمور الواقعيّة المدركة عند العقل من قبيل الإمكان ، والامتناع ، كانت حجيّة القطع عنده كذلك أيضا ، ومن ذهب منهم مذهب الفلاسفة ، من أنّ حسن العدل ، وقبح الظلم حكم عقلائي وإنّما حكم به العقلاء حفظا لنظامهم ، كانت حجيّة القطع لديه من القضايا المشهورات كما في مصطلح المناطقة ، وهي القضايا المجعولة من قبل العقلاء.
والتحقيق : هو انّ هذا الاستدلال غير منهجي ، لأنّه إن أريد بهذا الكلام التنبيه للمرتكزات الموجودة في الأذهان وإلفات الخصم إلى استحقاق الثواب والعقاب في الجري على طبق القطع أو مخالفته فلا بأس بذلك.
وأمّا إذا أريد به الاستدلال على المنجزيّة والمعذريّة ، فهذا غير صحيح منهجيا.