عقلي من جعل حكم ظاهري بالإباحة في هذا الطرف ، وحكم ظاهري بالإباحة في الطرف الآخر وإن لزم من ذلك الترخيص في المخالفة القطعية ، فإنّ هذين الترخيصين لا تضاد بينهما وبين التكليف الواقعي ، لأنّ التضاد المترقب إنّما هو بلحاظ عالم المبادئ ، وقد بيّنّا أنّه لا تضاد بلحاظ ذلك.
وبهذا البيان ينحل إشكال التضاد بين الخطابات الظاهرية ، وبين التكاليف الواقعية بلحاظ عالم المبادئ.
ونفس الشيء يقال فيما لو علمنا بنجاسة أحد الإناءين ، وشكّكنا في طهارة الآخر ، ثمّ اختلطا ، فأيضا يقع التزاحم ، غاية الأمر هنا ، أنّه يكون اقتضاء ملاك الترخيص لجعل حكم ظاهري بالإباحة أضعف من الغرض السابق وإن كان ملاكها يقتضي في مقام حفظها جعل الترخيص في كلا الطرفين ، فيقع التزاحم في المقام أيضا.
وبهذا يتضح أنّه لا منافاة بين الحكم الظاهري المجعول في موارد العلم الإجمالي ، وبين الحكم الواقعي بلحاظ عالم المبادئ ، باعتبار أنّه ليس للحكم الظاهري مبادئ غير مبادئ الحكم الواقعي ليلزم اجتماع الضدين.
بقي في المقام أن نلاحظ أنّه وإن كان لا يلزم التضاد بين الأحكام الظاهرية والأحكام الواقعية بحسب عالم المبادئ ، لكن قد يتوهم ويقال بوجود تضاد بينهما في عالم الامتثال ، كما لو جعل المولى حكما ظاهريا بإباحة الأطراف ففي مثله يقع التضاد ، لأنّ التكليف المعلوم بالإجمال يستدعي عقلا التحرك نحو امتثاله ، وذلك بالاجتناب ، فيكون مضادا للحكم بالترخيص بارتكابهما معا.
وهذا التوهم غير تام ، وذلك لأنّ استدعاء كل تكليف للامتثال إنّما