ونحن بالوجدان نرى انه لا عناية في الجملة الأولى ، وأمّا في الثانية ، فالعناية موجودة ، مع انّ التلازم غير موجود بين الشرط والجزاء في كلتا الجملتين ، وحينئذ ، فلا بدّ وان نفسّر العناية بالفرضيّة التي تبرز الفرق بين الجملتين ، الماضويّة والاستقباليّة.
ومن الواضح ، انّ الفرضيّة الأولى ، لا تبرز أيّ فرق بينهما ، وذلك ، لأنّه بناء على الفرضيّة الأولى القائلة ، بأنّ اللزوم مأخوذ في المدلول الوضعي للجملة ، تكون العناية ثابتة ، في كل مورد لا يكون هناك لزوم ، سواء كانت الجملة ماضويّة أو استقباليّة.
وعليه فهذه الفرضيّة لم تبرز الفرق بين الجملتين ، الماضويّة والاستقباليّة ، مع انّ الفرق ثابت بينهما وجدانا.
وأمّا الفرضية الثانية ، فهي تبرز الفرق بينهما ، لأنّه إذا كانت الجملة استقباليّة كما لو قال : «إذا جاء زيد نزل المطر» فحينئذ ، الاحتمال الثالث من الفرضيّة الثانية ، يكون واردا ، وهو انّ المتكلم ، يمكن أن يكون قد اطّلع على الغيب ، وأنّه «إذا جاء زيد نزل المطر».
وقد عرفت ، انّ هذا الاحتمال ، فيه عناية.
وأمّا إذا كانت الجملة ماضويّة ، كما لو قال : «كان إذا جاء زيد نزل المطر» ، فمثل هذا لا يحتاج إلى علم غيب ، وإنّما يحتاج إلى الاستقراء ، وهذا لا عناية فيه.
إذن ، فعلى هذه الفرضيّة أمكن إبراز الفرق بين الجملة الاستقبالية والجملة الماضوية ، وكون العناية ثابتة في الأولى دون الثانية.
وبهذا ، يثبت انّ المتعيّن في مقام تفسير العناية ، هو الفرضيّة الثانية ، دون الأولى ، ومعه تبطل دعوى كون اللزوم مأخوذا في المدلول الوضعي للجملة الشرطية ، كما هو لسان الفرضيّة الأولى.
وعليه ، فما ذكر في الأمر الأول غير تام.