أو فقل : إنّه لو فرض كفاية ثبوت المدلول الالتزامي للخطابات المتعارضة ، في عدم سريان التعارض إلى السّندين ، فسوف لن يبقى مورد معتدّ به لأخبار العلاج ، ويكون ذلك بحكم إلغائها عرفا ، لما عرفت من أنّه بناء على عدم التبعية بين الدلالتين في الحجية ، لا يتفق مورد للتعارض لا يكون لأحد المتعارضين مدلول التزامي يسلم عن المعارضة. إذن ، فمثل هذه الموارد ، هي القدر المتيقن لمضمون أخبار العلاج.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : إنّ صاحب المسلك القائل بعدم تبعيّة الدلالة الالتزاميّة للدلالة المطابقيّة في الحجيّة ، إمّا أن يدّعي بأنّ الدلالة الالتزامية منتزعة من إطلاق الخطاب : وإمّا أن يدعي بأنّها منتزعة من أصل الخطاب :
فإن ادّعي الأول : وهو كونها منتزعة من إطلاق الخطاب ، كما لو قال المولى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، وكان مقتضى إطلاقه هو تصحيح البيع المعاطاتي ، وبأنّ البيع من أهم المعاملات ، ومع ذلك صحّحنا المعاطاة فيه ، فيحكم حينئذ بصحة الإجارة المعاطاتية. وعليه : فيكون لقوله (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، مدلولان : أحدهما مطابقي ، وهو حليّة البيع المعاطاتي. والثاني : التزامي ، وهو حليّة الإجارة المعاطاتية. وهذا المدلول الالتزامي قد استفيد من إطلاق الخطاب. فإن ادّعى القائل بعدم تبعيّة الدلالة الالتزاميّة للدلالة المطابقية في الحجية ، أنّ الدلالة الالتزاميّة منتزعة من إطلاق الخطاب ، ففي مثله لا يكون للمدلول الالتزامي سند مستقل في مقابل المدلول المطابقي ، لأنّ هنا كلاما واحدا له سند واحد ، فإذا أسقط المدلول المطابقي عن الحجيّة ، يبقى المدلول الالتزامي حجة مع ذلك السند ، إذ لا يعقل وجود مدلول كذلك بلا سند ، وحينئذ لا موجب لسريان التعارض إلى السند في المقام ليرجع إلى المرجحات السندية.
وأمّا إذا ادّعي الثاني ، وهو كون الدلة الالتزامية منتزعة عن أصل الخطاب لا عن إطلاقه ، كما هو محل كلامنا ، حينئذ ، إمّا أن يكون مقصود