مقتضى مبناه في مسألة جواز الاجتماع ، هو عدم التعارض ، لتعدد العنوان؟ لأجل ذلك حاول صاحب الكفاية «قده» دفع هذا الإشكال ، فاشترط وجدان المجمع لكلا الملاكين في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وعليه قالوا بجواز الاجتماع ، بينما قالوا بالتعارض بينهما وعدم إمكان جمعهما في بحث التعادل ، لعدم فرض وجود الملاك ، الّا في أحدهما فقط من قبيل ، «أكرم العالم ولا تكرم الفاسق» ، وبهذا يتلاءم قول القائل بجواز الاجتماع في المقام مع قوله بالتعارض في مسألة التعادل والتراجيح.
إلّا أنّ دفع هذا الإشكال لا يتوقف على ما ذكره صاحب «الكفاية» «قده» من الاشتراط ، بل يمكن دفعه بوجه آخر ، فيقال : إنّ التعارض قد يكون من ناحية المتعلّق كما في «صلّ ، ولا تغصب» ، وقد يكون في الموضوع ، كما في «أكرم عالما ، ولا تكرم الفاسق» ، وحينئذ ، فإن كان التعارض من ناحية المتعلّق ، فيدخل ذلك في مسألة الاجتماع ، وإن كان من ناحية الموضوع ، فقد يكون عندهم خارجا عن بحث الاجتماع ، وداخلا في بحث التعارض لما أشرنا إليه من أنّ هذه المبادئ تحمل بلحاظ الموضوع بحمل «ذو هو». وكيف ما كان ، فقد يقرّب مستند هذه الشرطية التي ذكرها صاحب الكفاية «قده» بأحد تقريبين :
١ ـ التقريب الأول ، هو : كون تعقّل جواز اجتماع الأمر والنّهي مبنيا على كون مقتضي الحكمين موجودا ، أو ثابتا في موردهما في المرتبة السابقة ، إذن فلا بدّ من افتراض وجود الملاكين في المجمع قبل بحث جواز اجتماع الأمر والنّهي فيه ، وإلّا كان من الواضح امتناع الاجتماع على كل حال ، ولو لعدم ملاك أحدهما.
وهذا التقريب غير تام ، وذلك ، لأنّ هذا خلط بين الامتناع بالذات ، والامتناع بالغير ، إذ إنّ امتناع اجتماع الأمر والنّهي لعدم ملاك أحدهما ، إنما هو امتناع بالغير ، وهذا ليس هو المبحوث عنه.