كان يوافق على أصل هذا الاستدلال ، إلّا أنّ القسم الثاني من العناوين التي هي عناوين مبادئ الاشتقاق لها شقّان :
١ ـ الشق الأول : العناوين المقوليّة ، أي : الماهيّات الأولية ، فإنّه في مثلها يكون تعدد العنوان موجبا لتعدد المعنون والمصداق ، وذلك لاستحالة أن يكون لمصداق واحد ماهيتان حقيقيتان.
٢ ـ الشق الثاني : العناوين الانتزاعية العرضيّة ، التي لا حقيقة مقولية لها في الخارج ، كالفوقيّة ، والتحتية ، ونحوها ، فإنّها حيث أنّها ليست من الماهيّات المتأصلة في الخارج ، فلا يلزم من تعدد العنوان فيها ، تعدد المعنون خارجا ، ولو كان بين العنوانين منها عموم من وجه ، لإمكان أن يكون للعنوان الانتزاعي الواحد مناشئ انتزاع متباينة ، كما يقال في «السقف أنّه فوق ، والسماء فوق» وهكذا كما عرفت تفصيله ، لاحتمال أن يكون العنوانان في مادة الاجتماع منتزعين من ماهيّة واحدة ، وحيث أنّ الصلاة ، والغصب من هذه العناوين ، ويحتمل أن يكون منشأ انتزاعها في الخارج حركة واحدة ، فلا يكون تعدد العنوان فيها حينئذ موجبا لتعدد المعنون ، وعليه فيلزم امتناع الاجتماع.
والتحقيق في المقام أن يقال : إنّ مرد هذا النزاع بين هذين العلمين ليس كبرويا ، وإنما النزاع بينهما مبني على جهة لم تبحث بينهما ، فكأنّه نزاع صغروي ، يرجع إلى تشخيص كون الحمل في العناوين الانتزاعيّة ، ما هو؟ هل هو حمل اشتقاق فقط ، أي : حمل ذو هو؟ أو حمل مواطاة ، أي : حمل هو هو ، كما يكون في المبادئ الذاتية المتأصلة؟.
وتوضيح ذلك ، هو : أنّ الحمل ينقسم إلى قسمين :
١ ـ القسم الأول : حمل المواطاة ، أي : حمل «الهوهوية» ، كما يقال :
هذا بياض ، ويقصد باسم الإشارة ، نفس البياض ، فيكون المحمول نفس الموضوع ، ولذا سمي هذا الحمل ، بحمل ، «هو هو» ، أو الهوهوية.