والصحيح وقوع التعارض بين إطلاق الخطابين لا بين أصلهما ، أمّا عدم التعارض بين أصل الخطابين ، فلأنّ ثبوت كل منهما مشروط بعدم الاشتغال بالآخر لا محذور فيه ، بعد البناء على إمكان الترتّب ، وأمّا وقوع التعارض بين إطلاقيهما ، فلأنّ المتفاهم عرفا ثبوت الإطلاق في كل منهما لحال الاشتغال بالآخر ، فيكون معارضا مع إطلاق الخطاب الآخر كما يشهد بذلك الوجدان العرفي.
وقد يخرّج هذا الوجدان العرفي فيقال : بأنّ ما ذكر فيما سبق للمنع عن التمسك بمثل هذا الإطلاق في أدلّة الأحكام ، باعتباره تمسكا بالعام في الشبهة المصداقيّة لمخصصه اللبّي المتصل غير جار في المقام ، لأنّ خصوصية كون التضاد بينهما دائميا بنفسها ، قرينة عرفية على أنّ المولى ينفي مانعيّة الاشتغال بالآخر عن الأمر بهذا.
وعليه ، فلا بدّ من تطبيق قواعد باب التعارض بين إطلاقيّ كلّ من الخطابين لحال الاشتغال بالآخر ، فإن ثبت ترجيح لأحدهما كان مطلقا ، والآخر مشروطا بعدم الإتيان به ، وإلّا فيتساقطان ، ويثبت بهما حكمان مشروطان بنحو الترتب من الطرفين ، لما عرفت من عدم التعارض بين أصل الخطابين ، فإنّ إطلاق كل منهما لحال ترك الاشتغال بالآخر لا معارض له ، كما هو واضح.
٢ ـ الملاحظة الثانية هي : إنّ القسم الثاني والأول من التضاد ، يمكن أن يعطيا عنوانا واحدا ، هو عنوان القسم الأول ، ويكون التزاحم في القسم الثاني ناشئا من التضاد اتفاقا ، كما لو وجب القيام والقعود صدفة في وقت واحد.
ولعلّ نظر الميرزا «قده» إلى جعله قسما ثانيا ، لكي يتمكن من التفصيل بين ما إذا فرض كون التزاحم بلحاظ التضاد ، فإنّه حينئذ لا يتصور أنهما في زمان واحد ، وبين ما إذا كان التزاحم من ناحية الجمع ، فإنّه حينئذ يتصور كونهما مترتبين زمانا ، وهو مع هذا يقول بعدم معقولية الترتّب.