إشكالات في هذا المقام ، حيث أشكل على رجوع الشرط إلى الوجوب في مرحلة الإثبات والدلالة ، فيما إذا استفيد الوجوب من صيغة الأمر ، كما إذا قال : ـ حج وأكرمه ـ دون أن يكون لعلماء الأصول إشكال على ذلك فيما إذا استفيد الوجوب من مفهوم اسمي ، كما إذا قال. وجوب الحج مشروط بالاستطاعة ـ ومنشأ الإشكال هو أن صيغة الأمر وهيئته تدل على مفهوم حرفي نسبي.
وقد تقدّم في بحث المعاني الحرفية ، إنّ الهيئات ملحقة بالحروف ، وعليه ، يكون مدلول الهيئة هو النسبة ببعض المعاني كالنسبة الطلبية والإرسالية القائمة بن المكلف والمادة ، فإذا كان الوجوب مستفادا بنحو المعنى الحرفي النسبي ، والنسب لا تقبل التقييد باعتبار أنها سنخ مدلول حرفي ، إذن فالشرط ، أي المجيء في قوله : «إذا جاء زيد فأكرمه» لا يعقل رجوعه إلى مفاد هيئة «أكرمه» ، والأصوليون وإن بحثوا هذا الإشكال في مقام الثبوت ، واعترفوا بإمكانية رجوع الشرط إلى مدلول الهيئة ، بحسب الفهم العرفي والقواعد اللغوية ، لكن بعد فرض عدم إمكان ذلك باعتبار كون مدلول الهيئة سنخ مدلول حرفي نسبي ، وكون المداليل الحرفية والنسبية لا تقبل التقييد ، من هنا ذهبوا في إرجاع الشرط إلى مدلول المادة ، وصار القيد قيدا للواجب باعتبار هذا الإشكال ، وقد قرّر الإشكال بأحد تقريبين :
التقريب الأول : هو إنّ الإطلاق والتقييد إنما يعرضان على المفاهيم الكلية القابلة للانطباق على كثيرين في أنفسها ، كالمفاهيم التي تتّسع بالإطلاق تارة ، وتضيق بالتقيد أخرى ، دون المفاهيم التي لا تقبل الانطباق على كثيرين ، وإنما هي أفراد متعيّنة متشخصة لا يعقل فيها ، إطلاق ولا تقييد.
وقد تقدّم في بحث الوضع ، أن المعاني الحرفية موضوعة بالوضع العام ، والموضوع له الخاص ، وأنها أمور خاصة جزئية ، وعليه ، فهي لا تقبل الإطلاق والتقييد.
وتحقيق الجواب على هذا التقريب ، هو : إنّ منشأ هذا التقريب إنما هو