ب ـ الوعاء الثاني ، وعاء عالم الفعلية والتحقق بتبع تحقق موضوعه خارجا.
أمّا في عالم الجعل والإنشاء ، فمن الواضح ، أنه لا طولية بين الوجوبات ، لأنه لا اثنينية ولا تعدّد ، فضلا عن الطولية ، إذ في عالم الإنشاء ، الجعل واحد ، فلا محالة يكون المجعول بالذات والمقوّم للجعل في أفق الجعل واحد أيضا ، إذ كل جعل واحد هو متقوّم بمجعول بالذات واحد ، وإنما التعدّد والطولية يكون في عالم الفعلية ، حيث أن المجعول ينحل إلى أفراد متعددة من الوجوب بعدد أفراد موضوعه خارجا فتتكثّر الأحكام بتكثّر الموضوعات خارجا ، فيكون هناك وجوبات وفعليّات عديدة بعضها في طول بعضها الآخر ، فإن فعلية وجوب تصديق سماعة في طول فعلية وجوب تصديق زرارة ، فالطولية بين الفعليتين في عالم الفعلية ، وحينئذ نأتي إلى محل الكلام.
فإذا فرض أن الأمر بذات الفعل والأمر بقصد الامتثال كانا أمرين ضمنيين مرجعهما إلى أمر واحد ، حينئذ لا يمكن أن نتصور التعدّد والطولية لا في عالم الجعل ولا في عالم الفعلية.
أمّا في عالم الجعل ، فلأنه ليس هناك تعدّد فضلا عن الطولية ، لأنه في عالم الجعل يوجد جعل واحد ، فلا محالة يكون إذن مجعول واحد.
وأمّا في عالم الفعلية ، فأيضا لا يعقل الطولية ، إذ لا يعقل التعدّد هنا ، باعتبار أن الأمرين ضمنيان ، والضمنية تحفظ حتى في عالم الفعلية ، فإن الضمنية معناها أنه في عالم الفعلية أيضا تكون فعلية كل واحد منهما فعلية ضمنية لا فعلية استقلالية ، إذ كما أنه في عالم الجعل جعله جعل ضمني ، كذلك في حالة الفعلية أيضا تكون فعليته فعلية ضمنية ، إذن في عالم الفعلية يوجد عندنا فعليتان ضمنيتان ، ومعنى هذا ، أن الفعليتين الضمنيتين فعلية واحد استقلالية ، وحينئذ ، إذا كانت فعليتهما فعلية واحدة استقلالية موجودة بوجود واحد في عالم الفعلية فكيف يعقل الطولية والترتب بينهما.