على جزء من هذا الجسم الخشبي لا يتصف الجسم بتمامه بأنه أحمر ، فكذلك العامود الزماني الطويل حاله حال الجسم ، فلا يتصف بتمامه بالمقتلية ، وإنما الذي يتصف بالمقتلية ذلك الجزء وتلك اللحظة التي وقع فيها الحدث ، وتلك اللحظة قد زالت وانقضت بعد زوال المبدأ.
ولكن هذا الاعتراض غير صحيح ، للفرق بين الواحد المتصل العرضي الأجزاء والواحد المتصل التدريجي الأجزاء ، فإن الواحد المتصل إذا كان عرضي الأجزاء كالجسم مثلا ، فحمرة الجزء لا تكون حمرة لذلك الواحد الاتصالي ، لأن وجود الجزء ليس هو تمام وجود الواحد الاتصالي ، بل هو جزء وجوده ، فتكون نسبة الحمرة إلى المركب مجازية ، وأمّا الواحد الاتصالي التدريجي من قبيل عامود الزمان ، فتمام وجوده في تلك اللحظة هو ذلك الجزء ، فدائما وجوده بوجود جزئه ، فإذا اتصف هذا الجزء الزماني بالمقتلية فقد اتصف ذلك العامود الزماني بالمقتلية أيضا لأن وجوده بتمامه في هذه الحال هو وجود هذا الجزء ، وعلى هذا ، فكلام المحقق العراقي يبقى على وجاهته من أن الزمان واحد بالزمان فيكون باقيا حتى بعد انقضاء المبدأ.
وقد يعترض هذا الكلام شبهة ، وهي أنه يلزم القائل بالأعم ، الالتزام بصحة إطلاق اسم الزمان على الزمان إلى ما لا نهاية ، فيصح أن تقول ، الآن هو مقتل زكريا (ع) ، لأن اللحظة التي قتل فيها هي متصلة بما بعدها وهكذا ، فعامود زماني واحد ، فالذات لم تنقض بعد بل هي محفوظة ، ولكن المبدأ انقضى وهو قتله ، فهل يلتزم أحد بصحة إطلاق مقتله على الزمان الحاضر!.
وجواب ذلك ، أن المناط في بقاء الذات هو النظر العرفي لا النظر الفلسفي ، والعرف يقطّع عامود الزمان إلى أشهر وأيام وسنين ، ويرى أن كل قطعة قطعة لها شخصية وذاتية مستقلة عن ذاتية القطعة الأخرى ، فبعد فرض مرور يوم على مقتل زكريا ، يرى العرف بأن تلك القطعة قد انقضت وزالت الذات ، إذن فيوم مقتله ما دام موجودا فالذات موجودة ، وإن انقضى القتل كما لو كان القتل في الساعة الأولى ، وإذا انقضى يوم مقتله فالعرف يرى أنها ذات