المعاني ، فنقول : إنّ الشارع ليس مخترعا لهذه المعاني ، بل هي كانت موجودة قبل الإسلام ، والشارع عبّر عنها. فالمعاني ليست مستحدثة ، فلا يشمله كبرى السيرة العقلائية.
وهذا المطلب وهو كون المعاني سابقة قبل الإسلام ، يمكن الاستيناس له بكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي وردت في أحوال الأنبياء السابقين على اختلاف مراتبهم ، فإن استقراء الآيات على الأقل في خصوص «الصلاة» مثلا ، يدل على أن الصلاة كانت أمرا معهودا ثابتا في تمام الشرائع ، فشأنها شأن الإيمان بالله واليوم الآخر ، يدخل في القدر المشترك ما بين هذه الرسالات المختلفة ، وحينئذ يظهر من هذه الآيات أن هذه المعاني ليست مخترعة بل قديمة.
وهنا قد يستشكل في هذا الاستيناس بأن هذه الآيات ومنها (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) وإن كانت تدل بأن هناك صلاة ، وزكاة ، وغير ذلك ، ولكن من قال بأن كلمة «الصلاة» في الآية المذكورة قد استعملت في المعنى الشرعي؟. فلعلها استعملت في المعنى اللغوي؟.
فإن قيل : بأن كلمة «الصلاة» في عهد صدور هذه الآية كان معناها الحقيقي هو المعنى الشرعي ، فنحملها على المعنى الشرعي من باب أصالة الحقيقة ، وهذا معناه الاعتراف بثبوت الحقيقة الشرعية وهذا هو المطلوب.
وإن قيل : بأن كلمة «الصلاة» لم يثبت كونها حقيقة في المعنى الشرعي ، إذن كيف يمكن أن نعرف أن المراد منها المعنى الشرعي. لكي نثبت أن عيسى (ع) كان قد أوصي بالصلاة بالمعنى الشرعي؟.
إذن فهذه الآيات الكريمة لا يمكن أن تكون دليلا على ثبوت الصلاة بالمعنى الشرعي عند الأنبياء السابقين ، إلّا إذا اعترفنا بالحقيقة الشرعية بحيث أن هذه الألفاظ هي حقيقة بالمعنى الشرعي في أيام النبي (ص) ، وإذا لم