والوسيلة الحكائية لفظ من الألفاظ ، فالهيئة المتحصلة من وسيلتين ليست كلتاهما لفظية ، لا تكون موضوعة للنسبة ، ولا تدل عليها.
وعلى هذا فالشرط الثاني متحقّق في المقام في مثل «زيد لفظ». فكلا الشرطين متحقق في المقام ، فيعقل إحضار مثل هذه القضية المعنوية بالتلفيق بين الوسيلة الإيجادية في جانب الموضوع ، والوسيلة الحكائية في جانب المحمول.
وبهذا يظهر بطلان ما أورده المحقق الأصفهاني على إطلاق اللفظ وإرادة الشخص ، فإنه اعترض بالنقض في المقام حيث قال (١) : بأنه لو كان يصح إطلاق اللفظ وإرادة شخصه وتشكيل قضية معنوية بالتلفيق بين الوسيلة الحكائية للمحمول ، والوسيلة الإيجادية للموضوع ، إذن لصحّ أنّ نضرب شخصا ، ثم نقول «ضرب» ونشكّل بذلك قضية معنوية موضوعها أحضر بالوسيلة الإيجادية وهو «الضرب» ، ومحمولها أحضر بالوسيلة الحكائية ، مع أن هذا غير صحيح عرفا ، وذلك يكشف عن نكتة توجب عدم صحة إطلاق اللفظ ، وإرادة شخصه بنحو الإيجاد.
ولكن هذا النقض ممّا لا يمكن المساعدة عليه بعد الالتفات إلى النكتة التي بينّاها ، وهي : إنّ مجرد صحة الوسيلة الإيجادية لا يكفي لتشكيل القضية المعنوية في ذهن السامع ، إلّا بعد ضمّ خصوصية كون الهيئة المتحصّلة من التلفيق بين الوسيلتين موضوعة للنسبة ، وهذا مطلب جعلي بيد الواضع. فلو فرض أن الواضع لم يضع الهيئة المتحصّلة من التلفيق لإفادة النسبة ، إذن فالقضية المعنوية لا يمكن إحضارها في ذهن السامع ، لأن كلا من الموضوع والمحمول تمّ إحضاره لكن لم يتم إحضار النسبة إيجاديا ولا حكائيا. فلا بدّ من التفرقة بين قولنا «زيد لفظ» وبين أن نضرب شخصا ونشكّل قضية معنوية موضوعها أحضر إيجاديا. ومحمولها أحضر حكائيا ، بأن الواضع وضع الهيئة
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني : ج ١ / ص ٣٢ ـ ٣٣ ـ ٣٤.