(في) مثلا لإبراز الحصة المخصوصة من الإنسان ، والضرب ، وغيرها فالحصة الخاصة مستفادة بنحو تعدد الدال والمدلول ، حيث أنّ هذه الحصة الخاصة تنحل إلى ذات الطبيعة ، وإلى ضيق في هذه الطبيعة ، فأصل الطبيعة مدلول عليه بالاسم ، والضيق مدلول عليه بالحرف.
وبهذا يصح القول بأن الحرف موضوع لتحصيص وتضييق المفاهيم الاسمية ، بحيث تحدد دائرة قابلية انطباقها ، فكلمة الضرب لو لا الحرف لكان لها قابلية الانطباق على الضرب في الدار ، والضرب في السوق ، وغيره من أفراد الضرب ، ولكن بلحاظ كلمة (في) تحدّدت وتضيقت قابلية هذه الطبيعة ، وليس المراد من الضيق مفهوم الضيق وعنوانه ، فإنّ مفهوم الضيق من المفاهيم الاسمية المعبّر عنها بكلمة (ضيق) ، وإنما المراد واقع الضيق ، وواقع المحدودية ، في المفهوم الاسمي.
فمدلول الحرف هو واقع الضيق بقطع النظر عن عالم الكلام ، وعن عالم الخارج ، فهو سنخ مفهوم محفوظ في نفسه ، بقطع النظر عن هذين العالمين.
وتحقيق الحال في هذا الوجه هو : إنه كلما أحضرنا مفهومين من المفاهيم ، من قبيل مفهوم الإنسان والحصان ، أو من قبيل مفهوم الضرب والدار ، فإنّ أمكن اختراع وانتزاع نسبة بحيث تقوم بين هذين المفهومين ، كما هو الحال في الضرب والدار ، فإنه يمكن انتزاع نسبة ما بين الضرب والدار وهي المعبّر عنها بنسبة الظرفية ، فحينئذ لا محالة يعقل في طول ذلك أن نحصص هذا المفهوم إلى ما يكون واجدا للنسبة ، وإلى ما يكون فاقدا لها ، فنقول : بأن الضرب ينقسم إلى حصتين : إلى ما يكون طرفا لهذه النسبة ، وإلى ما لا يكون طرفا لها. حينئذ بالإمكان تحصيص مفهوم الضرب بأخذ هذه النسبة فيه ، إذ بأخذها ينشأ ضيق في دائرة صدق هذا المفهوم ، بحيث يستحيل أن يصدق على فاقد النسبة ، فإنّ الضرب المنسوب إلى الدار بنسبة الظرفية ، يستحيل أن ينطبق على الضرب المنسوب إلى السوق ، بنسبة الظرفية ، لأن