الملحوظ ، فربما يكون اللحاظ واحدا والملحوظ متكثرا كلحاظ النقاط بلحاظ واحد ، وربما يكونان كلاهما متحدين ، كلحاظ الواحد المتعلق بالخط المستقيم ، فلا دلالة فى قولهم استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد على قيد الاستقلال حتى يكون ذكره فى الكلام مستدركا.
فتخلص مما ذكرنا ان محل البحث ومورد النزاع هو الاستقلال فى اللحاظ الاستعمالى.
ومنه انقدح وجه الامتناع على ما هو المختار لاستحالة تعدد اللحاظ فى ان واحد من لاحظ واحد سواء قلنا ان اللفظ امارة وعلامة للمعنى ، او قلنا هو مرآة للمعنى فان فيه فناء الوجه فى ذى الوجه والعنوان فى المعنون.
غاية ما فى الباب ان الامتناع على الثانى من جهتين بخلاف الاول ، اذ الاستحالة فى الاول ليست هى إلّا من حيث قيام اللحاظين الاستقلاليين بنفس اللاحظ ، وان نشا ذلك من سماع اللفظ لم يكن معبرا يستطرق منه الى معرفة المعنى ، كما هو كذلك على المرآتية فان المرآة وسيلة وآلة لمعرفة المعنى فاللحاظان يتوجهان الى اللفظ على المرآتية دون الامارية ، وكما يستحيل قيامها على نحو الاستقلال بنفس اللاحظ ، كذلك يستحيل توجههما على ذلك النحو الى اللفظ الواحد فالاستحالة على المراتبة من وجهين ، وفى الامارية من وجه واحد كما لا يخفى.
ومن هذا يظهر لك ما فى كلام الماتن فى هذا المقام ، حيث قال : «ان حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لارادة المعنى ، بل جعله وجها وعنوانا له.» الى آخر ما افاده لظهوره فى تسليم الجواز ، بناء على ان الاستعمال جعل اللفظ علامة ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه عدم الفرق فى الامتناع بين كلتا الصورتين ، وان كان الامتناع على المرآتية من وجهين.