وربما يتوهم من كلام صاحب المعالم قده ان محل النزاع هو الاستقلال فى الحكم حيث جعل المدار على ان يكون كل من المعنيين مناطا للنفى والاثبات ، وهذا هو عبارة اخرى عن اعتبار الاستقلال فى الحكم الذى هو المعنى الاخير الذى نفينا النزاع منه. (١)
ويدفعه ان المراد من النفى والاثبات فى كلامه هو الحكم المستفاد من النسبة الكلامية دون الحكم الواقعى وفرق بينهما ، فان الاستقلال بالحكم الواقعى لا يلزم الاستقلال فى اللحاظ كما عرفته فى حديث الرفع بخلاف الاستقلال بالحكم المستفاد من ظاهر الكلام وهو النسبة الكلامية ، فانه يلازم الاستقلال فى اللحاظ وكيف كان فحيث عرفت اعتبار الاستقلال لحاظا فى محل النزاع ، للاحتراز عن خلاف ذلك من فرض الاتحاد اللحاظى المتعلق بالمتكثرات ، فاعلم انه قد يتخيل ان ذكر هذا القيد مستدرك فى الكلام اذ الاستعمال فى اكثر من معنى واحد لا يتصور إلّا ان تعتبر المتكثرات شيئا واحدا من قبيل المركب فاذا اريد استعمال اللفظ فى متكثرات بوصف التكثر ، فلا بد وان يكون ذلك على نحو الاستقلال ، فالتعبير باستعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد هو بنفسه يفيد الاستقلال ، وإلّا فلو لم يكن على نحو الاستقلال بل بنحو وحدة اللحاظ لم يكن الملحوظ والمستعمل فيه الا معنى واحدا لا اكثر من معنى واحد.
وفيه ان اللحاظ المتعلق بالمعانى المتعددة كالنقاط لا يعقل اعتباره فى الملحوظ اذ هو بالنسبة الى ملحوظه كالحكم بالنسبة الى موضوعه يستحيل اعتباره فيه ، وحينئذ فلم يبق فى جانب الملحوظ الا حيثية التكثر دون الوحدة ، فاذن لا ملازمة بين وحدة اللحاظ ووحدة
__________________
(١) ـ المعالم الدين : ص ٣٣.