القرآن ، والقاعدة فى القرآن : أن كل ما وافق العقل والعلم فهو من الشرع
والدين ، وكل ما هو من الدين فلا بد أن يوافق عليه العقل والعلم.
* * *
١٤٠١ ـ التنجيم؟
يقول تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى
غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (الجن) ، والغيب هو ما غاب عن العباد ، فإنه يظهره على من يشاء ، وهم الرسل
، ومنهم جبريل من الملائكة ، ومن البشر ، فعن عيسى ابن مريم قال : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما
تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) (آل عمران ٤٩) ، ويوسف قال : (إِلَّا نَبَّأْتُكُما
بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) (يوسف ٣٧) ، وهؤلاء يودعهم الله تعالى من غيبه ما يشاء بطريق الوحى ، وجعله
دلالة على صدق نبوّتهم ، وليس من ذلك المنجّم ، ومن ضاهاه ممن يضرب الودع والرمل
والحصى ، وينظر فى الكتب ، ويقرأ الفنجان والكفّ ، ويطالع النجوم ، ويزجر الطير ،
ويستخدم التنويم ، فهؤلاء جميعا لا يطلعهم على غيبه. والمنجمون قوم فيهم حاسة
الحدس والتخمين قوية ، ومن شأنها أن تجمّع ما يسمع المنجّم من أقوال وأفعال
وتعتبرها علامات وإشارات ، ويسمون ذلك قراءة الغيب أو الطالع ، وليس من ذلك أن
يتحدث المنجّم بما يمكن أن يتحدث به نبىّ كعيسى أو كيوسف ، وأقوال المنجّمين
افتراءات واختلاقات وتخرّصات ، كقول القائل :
حكم المنجّم
أن طالع مولدى
|
|
يقضى علىّ
بميتة الغرق
|
قل للمنجم
صبحة الطوفان
|
|
ولد الجميع
بكوكب الغرق؟
|
يعنى هل لو صدق
تخمينه على واحد ، فهل يصدق على الجميع؟ وإذا كان أحدهم مكتوب أنه من أهل كوكب
الغرق ، فهل كان مكتوبا أن أهل الطوفان جميعا سيغرقون دفعة واحدة؟ وعن علىّ بن أبى
طالب لمّا اعتزم لقاء الخوارج أنهم سألوه : أتلقاهم والقمر فى العقرب؟ فقال : فأين
قمرهم؟ ـ يعنى إن كان قمرنا فى العقرب فأين قمرهم؟ فالقمر واحد ، فإن كان فى
العقرب ، فما سيلحق بعلىّ وجماعته هو نفس ما سيلحق بالخوارج! ولمّا قيل له : لا
تسر فى هذه الساعة ، وسر فى ثلاث ساعات يمضين من النهار ، سأل : ولم؟ قيل له : إنك
إن سرت فى هذه الساعة أصابك وأصحابك بلاء وضرّ. قال : ما كان لمحمد صلىاللهعليهوسلم منجّم ، ولا لنا من بعده. ومن يصدّق هذا القول لم آمن
عليه ، كمن اتخذ من دون الله ندا أو ضدا. ثم قال : اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا
خير إلا خيرك. ثم قال لمن يدّعى التنجيم : نكذّبك ونخالفك ونسير فى الساعة التى
تنهانا عنها! ـ ثم قال للناس : أيها