فى صالح دعائك». وقيل : لمّا أقبلت قريش عام الأحزاب ، نزلوا بمجمع الأسيال من رومة بئر بالمدينة ، قائدها أبو سفيان ، وأقبلت غطفان حتى نزلوا بنقمى إلى جانب أحد ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر ، فضرب الخندق على المدينة ، وعمل المسلمون فيه ، وأبطأ رجال من المنافقين ، وجعلوا يأتون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم ولا إذن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التى لا بدّ منها ، يذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويستأذنه فى اللحوق لحاجته ، فيأذن له. وإذا قضى حاجته رجع ، فأنزل الله فى أولئك المؤمنين : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ..) (٦٢) إلى قوله (.. وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤).
٢٤ ـ وفى قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ...) : قيل : كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فأنزل الله الآية فصحّحوا أنفسهم ، وقالوا : يا نبىّ الله ، يا رسول الله.
٢٥ ـ وفى قوله تعالى : (... قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) : قيل : نزلت فى المنافقين كانوا يتسللون عن صلاة الجمعة متلاوذين ، أى يلون بعضهم ببعض ، يستترون من الرسول صلىاللهعليهوسلم حتى لا يراهم يخرجون من المسجد ، ولم يكن عليهم أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة ، وهذا من الناحية النفسية ، وكان هناك دافع مادى لذلك أيضا كما فى الآية : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١) (الجمعة). وقيل : كانوا يتسللون فى الجهاد رجوعا عنه يلوذ بعضهم ببعض.
* * *
١٠٣٧ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الفرقان
١ ـ فى قوله تعالى : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ ...) (٧) : قيل : قال هذا الكلام عتبة بن ربيعة ، وكانوا قد عقدوا مجلسا كلموا فيه النبىّ صلىاللهعليهوسلم صراحة يرشونه ، قالوا : يا محمد ، إن كنت تحب الرئاسة وليّناك علينا ، وإن كنت تحب المال جمعنا لك من أموالنا؟ فلما رفض ، قالوا له يحتجون معه : ما بالك وأنت رسول الله تأكل الطعام ، وتمشى فى الأسواق؟! فعيّروه بأكل الطعام لأن الرسول فى رأيهم ينبغى أن يكون ملكا ، وعيّروه بالمشى فى الأسواق ، مقارنة بالأكاسرة والقياصرة والملوك الجبابرة يترفعون عن الأسواق. وقالوا فيه : إنه فيما يبدو يريد أن يتملك علينا ، فما له يخالف سيرة الملوك؟ فهذا هو مضمون الآية ، فأنزل الله الردّ على نبيّه يبلّغهم به ، قال : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) (الفرقان ٢٠).