قالوا إن الله يحبهم ويؤثرهم ، أنزل عليه أن يقول لهم : (فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (آل عمران ١٦٨) ، ولمّا قالوا إنهم أحباب الله وليسوا كسائر البشر ، ولن يدخلوا النار ، أنزل عليه أن يقول لهم : (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) (المائدة ١٨) ، ولمّا قالوا إنهم على الحق تحدّاهم أن يعملوا بالتوراة وأنزل عليه أن يقول لهم : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ) (المائدة ٦٨) ، وكانوا يعملون الفحشاء فقال لهم : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (الأعراف ٢٨) ، ونبّه إلى حقيقة كراهيتهم للمسلمين فقال : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) (المائدة ٥٩) ، وأكد حقيقة المسألة بيننا وبينهم أنهم يريدوننا على دينهم فقال : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة ١٢٠). وسألوه أسئلتهم المعهودة فى الروح فقال : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء ٨٥) ، و (عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) (الكهف ٩٣) ، و (عَنِ الْجِبالِ) (طه ١٠٥) ، وعن الساعة ، وأسئلة أخرى كثيرة كانوا بها يحاجّون الرسول صلىاللهعليهوسلم فى كل شىء ، وأجابهم عن كل شىء ، ومع ذلك لم يؤمنوا ، وذهبوا إلى أبعد من ذلك ، فسحروا له وأبطل الله سحرهم ، وفحشوا فيه فحيّوه قائلين : «السام عليك» فنزل فيهم القرآن : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) (المجادلة ٨) ، وقال فيهم : «إن اليهود قوم حسّد ، وإنهم لا يحسدوننا على شىء كما يحسدوننا على الإسلام وعلى آمين ، أخرجه مسلم عن عائشة ، وقال : «فإنهم حسدونا على القبلة التى هدينا لها وضلّوا عنها ، وعلى الجمعة التى هدينا لها وضلّوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام : آمين» أخرجه البخارى ومسلم. وفى رواية البيهقى قال : «لم يحسدنا اليهود على شىء ما حسدونا بثلاث : التسليم ، والتأمين ، واللهم ربّنا ولك الحمد» ، فاشكر الله أخى المسلم أنك مسلم ولست بيهودى ، والإسلام نعمة حباك الله بها ، وقد علمت لما ذا يكرهنا اليهود ، فخلاصة الأمر أنهم يكرهوننا لأننا نؤمن بحق وعن حق : أن الله واحد لا شريك له ، ونحن ننقدهم كما انتقدهم أنبياؤهم لمّا تركوا التوحيد ، وجنحوا إلى الشر ، وقتلوا الأنفس ، واعتدوا ، وأخرجوا الناس من ديارهم ، ومنعوهم من عبادة الله وهى كبرى الكبائر ، والإسلام ينقم عليهم ما يفعلونه بالمسلمين ، وحبّهم للغدر والخيانة ، وإيثارهم الخسّة والنذالة والفحش والتفحّش ، وعشقهم للتجسّس ، وإيقاع الفتنة ، فاستحقوا عقاب الله فى الدنيا والآخرة كقوله : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) (البقرة ٦١) ، أى أنهم ألزموا الذلة والمسكنة شرعا وقدرا ، فلا يزالون مستذلّين ، ومن يجدهم يستذلهم ويهينهم ويضرب عليهم الصغار ؛ وفى فلسطين يستجلبون على أنفسهم ضرب الحجارة بسوء مسلكهم ، وفساد تدبيرهم ، وهوان سياستهم ، وفى أنفسهم هم أذلاء مصابون بالبارانويا أو ذهان