القصص الموجود فى القرآن ، وأكثره كان يؤلف خصيصا لتفسير القرآن. والذين رووا الإسرائيليات كروايات للتفسير ، احتجوا بأن القرآن نفسه ملىء بالقصص الإسرائيلى ، وأطلقوا على رواياتهم اسم الإسرائيليات ، وادّعوا أن نشأة الاسم كانت بسبب الحكايات والمسائل اليهودية فى القرآن ، ثم واصلها هؤلاء. وكان ابن عباس يرى أن القرآن لا يحوى فقط قصصا إسرائيليا ولكنه يتضمن كذلك مصطلحات إسرائيلية ، وقد تكون أصولها عبرانية محضة! ولذلك لم يكن يرى ـ كما يقول جولدتسيهر ـ أية غضاضة فى الرجوع إلى اليهود وخاصة كعب الأحبار وعبد الله بن سلام يسألهما فى ذلك ، ومن هذه الكلمات مثلا : جبريل ، وميكال ، وإسرافيل ، واليمّ ، وأم الكتاب ... إلخ ، وهناك مسائل أخذ فيها ابن عباس موقف أهل الكتاب باعتبار أنهم الأحسن فهما للمعانى الدينية ، والأدرى بالأصول ، كما فى مسألة ذبيح إبراهيم : هل هو إسماعيل أم إسحاق؟ وروى ابن عباس أحاديث عن الرسول صلىاللهعليهوسلم مفادها أنه إسحق! وكان من رأيه الشخصى أنه إسحق! وفى روايات أخرى قال إنه إسماعيل وأن اليهود تكذب إذ تقول إنه إسحاق!
ومن الروايات الشائنة المنسوبة لابن عباس أنه الذى اذاع التفسير القبيح للآية : (تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) (٣٧) (الأحزاب) وقال : إن الذى أخفاه هو حبّه صلىاللهعليهوسلم لزينب وهى فى عصمة زيد. وهذا التفسير أخذه عنه قتادة ، وتلقفه منهما يوحنا الدمشقى ، وعنه أذاعه المستشرقون. وابن عباس توفى سنة ٦٨٨ م ، وقتادة سنة ٧٣٦ م ، بينما الدمشقى توفى سنة ٧٤٩ م ، والكثيرون يلقون باللوم على الدمشقى ، بينما اللوم يقع على ابن عباس فى الأساس ، وما كان ابن عباس قد رأى الواقعة أصلا ، لأن الرسول صلىاللهعليهوسلم تزوج زينب بنت جحش فى السنة الخامسة للهجرة ، وكان ابن عباس آنذاك فى السابعة من عمره!
وتكثر الروايات المتناقضة عن تفسير ابن عباس للآية الواحدة من القرآن ، وبالقطع فإن السبب فى ذلك هم أصحاب التفاسير الذين ملئوا كتبهم بروايات الوضّاعين والإسرائيليين ، وقد يحدو ذلك بالبعض إلى طرح كل تفاسير ابن عباس ، والأولى أن لا نحفل منها بما يتضمن إحالات للتراث الدينى اليهودى ، وما يشتمل على أخبار ما كان يتسنى لابن عباس أو غيره أن يعرف بها ، وأن نكتفى من تفاسيره بما يقتصر على آيات القرآن لا غير بدون زيادة.
* * *
٤٤٧. هل كان أبو هريرة تلميذا للإسرائيليين؟!
أبو هريرة ، عبد الرحمن بن صخر ، أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكنيته